حكم دخول البرلمان

موضوعات متنوعة


سؤال : فضيلة الشيخ ماحكم دخول البرلمان  " مجلس الشعب  " مع أنه مجلس تشريعي . وهل الغاية تبرر الوسيلة للوصول لمقاعد البرلمان وتحكيم الشريعة الاسلامية وهل الواقع يؤيد ذلك أم يخالفه ؟ أفتونا مأجورين حفظكم الله .

الجواب أخي الكريم :

قال تعالى  " فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخ ذلك خير وأحسن تأويلا " وكل إنسان قوله عرضة للأخذ والرد إلا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وهذه المسألة مما تنازع فيه الناس فوجب ردها إلى الكتاب والسنة قال تعالى  " ما فرطنا في الكتاب من شيء  "

هذا وقد تعاضدت الأدلة الشرعية المتنوعة مع شواهدالواقع وكلام أساطين أهل الخبرة بالسياسة على بطلان التغيير عن طريق البرلمانات أن الذي يمشي في هذا الدرب إنما يمشي خلف سراب .

وإليك تفاصيل هذا الجواب المختصر مما كنا قد ذكرناه من قبل مطولا والله الهادي والموفق لارب سواه .

والكلام في هذا الأمر إن شاء الله جل وعلا سيكون في عدة مسائل :

الأولى : الأدلة الشرعية التي تقضي وتمنع الجلوس مع أهل الباطل في باطلهم خاصة الذين يشرعون مع الله سبحانه وتعالى

ثانياً : نورد كلام من خاضوا في هذه السياسات من قبل من زعماء الإخوان أو من ينتسبون إليهم قديما وإن كان حصل بعد ذلك نوع من المفارقة كالشيخ سيد قطب وكلاما للمرشد القديم الأستاذ عمر التلمساني في مدى خطورة الانخراط في هذا الخط- الخط السياسي- والدخول في تلك المجالس وذلك من باب ﴿وشهد شاهدٌ من أهلها﴾ . لأنهم ربما  لا يسمحون لأنفسهم بأن ينصتوا لكلام أهل السنة وربما يسمحون لأنفسهم بأن يسمعوا ماذا يقول قادتهم الذين اعترفوا بهم يوما من الأيام..

ثالثاً :فتوى للشيخ العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى أفتى بها وكتبها بنفسه محررة في رسالة لثوار الجزائر سنة ألف وأربعمائة وثنتي عشرة من الهجرة .حيث كان في الجزائر ثورة كبيرة جدا وكان لها اتجاه اسلامي خلاف هذه الثورات الموجودة الآن  وتكلم فيها عدد من أهل العلم وممن تكلم فيها الشيخ الألباني حيث كان بينه وبين الثوار نصائح مستمرة ومكاتبات فكتب لهم هذه الفتوى المحررة التي سنذكرها إن شاء الله جل وعلا ثم نتكلم إن شاء الله جل وعلا في المسألة الأخيرة  على مفاسد الدخول في المجالس البرلمانية..

وقبل أن نبدأ فيما ذكرته أذكر هنا من الدستور المصري ثلاث مواد لعل البعض  لا يدرك حجم ما نتكلم فيه وربما لا يدري ماذا يحصل في مجلس الشعب أو المجالس التشريعية أو ما يعرف بالبرلمانية والتي تنبثق جميعها كما ذكرنا  من فكرة الدولة الديمقراطية والتي  تكون السلطات  فيها ثلاثة أنواع: سلطة تشريعية وسلطة قضائية وسلطة تنفيذية، فمجلس الشعب يمثل السلطة التشريعية ويعمل من خلال الدستور، ينطلق منه ويرجع إليه والداخلون إلى هذا المجلس يلتزمون بالدستور ويلتزمون باحترام القانون والدستور..جاء في المادة الثالثة في الدستور المصري: « السيادة للشعب وحده وهو مصدر السلطات ويمارس الشعب هذه السيادة ويحميها » إذاً السيادة في الدستور المصري ليست لله وليست للشريعة التي أنزلها الله جل وعلا وليست للوحي المطهر وإنما السيادة للشعب، للعبيد، سيادة العبيد يحكمون بها العبيد.. السيادة للشعب وحده وهو مصدر السلطات ويمارس الشعب هذه السيادة ويحميها..المادة السادسة والثمانون: «يتولى مجلس الشعب سلطة التشريع» يعني يشرعون مع الله جل وعلا وقد قال تعالى ﴿أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله﴾.. " " يتولى مجلس الشعب سلطة التشريع ويقر السياسة العامة كما يمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية وذلك كله على الوجه المبين في الدستور " "، يعني أيضا مجلس الشعب يتولى الرقابة على السلطة التي تنفذ القرارات أو تنفذ القوانين..- في المادة التسعين بيان القسم الذي يقسمه عضو مجلس الشعب،  قبل أن يباشر عمله: «أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصا على سلامة الوطن والنظام الجمهوري وأن أرعى مصالح الشعب وأن أحترم الدستور والقانون» والنظام الجمهوري: الذي هو النظام التي تقوم عليه الجمهورية وهو النظام المعروف الآن بنظام الديمقراطية.. يقسم بالله العظيم أن يحافظ على هذا النظام الجاهلي الذي ينازع الله جل وعلا في سلطته وفي سيادته وفي حق التشريع، يقسم بالله أن يحافظ مخلصا على هذا النظام الجمهوري وأن يحترم الدستور والقانون.. هذا لا شك قسم باطل ولا يجوز بأي حال من الأحوال إلا في حالات الإكراه الملجئ، فلو أن الإنسان أكره على كلمة الكفر بإكراه ملجئ معروفة شروطه في كتب الفقه فهذا له،  ولكن العضو الذي يدخل مجلس الشعب يدخل باختياره ويُحمل على أكتاف الناس ويدخل بدون أن يجبره أحد لا على الدخول ولا على الخروج بل يدخل كما يقال معززا مكرما يتقاضى الراتب الكبير الذي سيتقاضاه والمنح العديدة التي يأخذها والحصانة، إلى غير ذلك، فلا يوجد هنا معنى للإكراه..بعض الناس يتكلم بطريقة نظرية ويقول من الممكن أن أزيد على هذا الكلام: أن أحترم الكتاب والسنة أو فيما يوافق الكتاب والسنة.. وفي الحقيقة  هذا الكلام لا يروج عليهم ؛ لأنهم لن يمكنوه من ذلك، إذا سمعوه يقول أقسم بالله العظيم أن أحترم النظام الجمهوري على ما وافق الكتاب والسنة فهذا كلام متناقض لأن النظام الجمهوري والسلطة التشريعية وهذا القانون يخالف الكتاب والسنة في أصله مخالفة صريحة،  كيف تجمع بين الشرك والإيمان، إذا كان هو يسلب الرب جل وعلا سلطته في التشريع ويعطي نفسه حق التشريع مع الله جل وعلا فكيف  يريد العضو المسلم الموحد أن يجمع بين الأمرين، وهو يعلم أن معنى الاسلام  هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله. هذه الزيادة قد يتصور أن يقولها لو تُرك وإلا لو سمعوا منه كلمة الكتاب والسنة لقامت عليه الدنيا ولم تقعد، فهذا وهم يتوهمه بعض الناس.. فالعضو ملزم قبل أن يأخذ مكانه في مجلس الشعب بهذا القسم الباطل الذي فيه احترام القوانين الجاهلية..هذا في البداية ليتصور الشخص ما نتكلم عليه لأن بعض الناس يظن أننا نتكلم على سراب ونحن في واد والعالم في واد آخر، وهو جاهل بحقيقة الواقع فضلا عن أدلة الشرع..إن الدخول في هذا المجلس بهذه الطريقة المذكورة والمنصوص عليها قانوناً   ممنوع ولا يجوز شرعا والأدلة على ذلك سنختصرهافي الآتي :

أولاً : من القرآن الكريم:-

قال تعالى ﴿وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره﴾ .

في آية الأنعام ﴿وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين﴾ وفي آية النساء: ﴿إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا﴾ قال الراغب الأصفهاني في معنى كلمة الخوض،  " الخوض هو الشروع في الماء والورود فيه، ثم استعير بالأخذ في الحديث فقيل تخاوضوا في الحديث أي أخذوا فيه على غير هدى، أخذوا بالحديث على غير هدى، قال القرطبي: من خاض في آيات الله تركت مجالسته وهجرته مؤمنا كان أو كافرا.) اهـ.  

ولايخفى أن هؤلاء يعرضون أحكام الله على أعضاء مجلس الشعب ويأخذون ما وافق الأغلبية حتى لو كان ما وافق الأغلبية  مضادا للشرع أو مناقضا له أو رافضا له ؛ فالحكم في مجلس الشعب للأغلبية؛ امرأة أو رجل نصراني أو مسلم لا يهم ذلك.. و لا شك أن هذا فيه استهزاء بآيات الله أن تجعل حكم الله جل وعلا  يتداوله البشر هل يُقَر أم لا ؟ وهل يحكم به أم لا؟ وهل يطبق أم لا؟ هذا فيه استهزاء بآيات الله لأن الله جل وعلا هو الحَكم وإليه الحُكم والنبي ﷺ لم يرض من أبي شريح بكنية أبي الحكم، فهو رجل تكنى بأبي الحكم لأنهم كانوا إذا تخاصموا حكموه بينهم فقال له «إن الله هو الحكم وإليه الحُكم» رواه أبو داود  ح 4955 ، فلم يرض له بمجرد الكنية وغيّرها قال له: «أنت أبو شريح» ومنعه من الكنية بأبي الحكم لأن الله هو الحكم وإليه الحكم قال تعالى ﴿ولا يشرك في حكمه أحدا﴾ .وأعضاء مجلس الشعب يجلسون في المجلس :يقال لهم : ارفع أصبعك يا من يريد كذا. مثلا من يريد  أن تكون الخمر في الفنادق فقط أم في الفنادق والكازينوهات أم لا بأس بها في المحلات العامة.!؟. أليس هذا استهزاءً وسخرية بآيات الله التي أنزلها ليعمل بها لا لتتداول بين العبيد الفقراء المساكين ليُبدوا رأيهم فيها؟

قال تعالى : ﴿إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه﴾ وقال: ﴿ولا يشرك في حكمه أحدا﴾ قال القرطبي: " مؤمنا كان أو كافرا وقد منع أصحابنا –يعني المالكية- الدخول إلى أرض العدو ودخول كناسهم وبيعهم وكذلك منعوا مجالسة الكفار وأهل البدع، قال بعض أهل البدع لأبي عمران النخعي: اسمع مني كلمة، فأعرض عنه وقال: ولا نصف كلمة. ".

 الدليل الثاني: قوله تعالى ﴿والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما﴾ وهذا الدليل في الحقيقة سمعته من بعض من كان يمنع الدخول في تلك البرلمانات والمجالس والآن يبدأ يدعو للدخول فيها وهذا من العجب الذي نسمعه في هذه الأيام  .أموراً كانت محرمة وممنوعة والكلام فيها منتهي وتصبح الآن أموراً  فتح النقاش فيها وقد يكون الكلام فيها الآن مباحا بل قد يكون مستحبا بل قد يكون واجبا! عندما يقول يجب عليك أن تدخل، يجب عليك أن تدخل لتزاحم أهل الباطل، أصبح الآن واجبا بعد أن كان محرماً، فماذا حصل ؟ أين ثوابت الشريعة؟ وأين أصول الشريعة ؟ الجواب يقولون : أمِنّا من التزوير، يعني إذا ارتفع التزوير فالأمر انتهى، كل المثالب الأخرى والمفاسد نتغاضى عنها، وهذا القسم الثاني من المحاضرة الذي هو مفاسد الدخول في المجالس البرلماني.قال العلامة السعدي  رحمه الله تعالى في هذه الآية ﴿وإذا مروا باللغو مروا كراما﴾: أي " لا يحضرون الزور، أي القول والفعل المحرم فيجتنبون جميع المجالس المشتملة على الأقوال المحرمة أو الأفعال المحرمة كالخوض في آيات الله والجدال الباطل ، والغيبة، والنميمة، والسب ،والقذف، والاستهزاء، والغناء المحرم، وشرب الخمر، وفرش الحرير، والصور، ونحو ذلك وإذا كانوا لا يشهدون الزور فمن باب أولى وأحرى ألا يقولوه ولا يفعلوه..) اهـ وقال في قوله ﴿وإذا مروا باللغو﴾ إشارة إلى أنهم لا يقصدون حضوره ولا سماعه ولكن عند المصادفة.). يعني إذا كان ماشيا ورأى شيئا من اللغو أو من الباطل.. ولكن عند المصادفة التي من غير قصد يكرمون أنفسهم عنه.. عباد الرحمن يكرمون أنفسهم عن اللغو الباطل وعن شهود الزور وعن مجالس الباطل، ومن هذه المجالس المجالس البرلمانية التي تشرع مع الله جل وعلا..الدليل الثالث: قال تعالى ﴿ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار﴾ جاء في كتاب الدرر السنية (8/147): قال ابن عباس: ﴿لا تركنوا﴾ أي لا تميلوا.. وقال عكرمة: أن تطيعوهم.. -يعني لا تطيعوا الذين ظلموا- أو تودوهم أو تصطنعوهم -ومعنى تصطنعوهم أي تولوهم الأعمال كمن يولي الفساق والفجار- وقال الثوري: من لاق لهم دواة أو بري لهم قلما- يبري القلم لهؤلاء الفسقة أو الفجار-  أو ناولهم قرطاسا دخل في هذا.. يعني أعطاه ورقة أو أعطاه قلما أو أعطاه دواة.. قال بعض المفسرين - كما في الدرر السنية -: فالنهي متناول للانحطاط في هواهم والانقطاع إليهم ومصاحبتهم ومجالستهم وزيارتهم ومداهنتهم والرضى بأعمالهم والتشبه بهم والتزيي بزيهم ومد العين إلى زهرتهم وذكره بما فيه تعظيم لهم.. والركون هو الميل اليسير..)اهـ من الدرر السنية. ولا يخفى أن الذي يلتحق  بمجلس الشعب يصبح صديقا لهذا ولذاك وللنائب الفلاني والوزير الفلاني بغض النظر عن اتجاه هذا النائب،  فيدخل العضو يسلم على النائب الفلاني ويُصَبِّح على العضو الفلاني وقد يلبي دعوته لعشاء خارجي أو غداء خارجي إلى غير ذلك فضلا عن أن يقدم له ورقة أو قلماً فهذا عندهم شيء عادي.وكذلك جاء في الدرر السنية (5/438) قال ابن عباس: لا تلينوا إليهم في المودة ولين الكلام..- يعني لا تلين الكلام لهؤلاء، ومع ذلك- قال أبو العالية: لا ترضوا بأعمالهم.. وقال بعض العلماء كما في الدرر السنية: من مشى إليهم ولم ينكر إليهم عد من الراكنين إليهم.. ) اهـ من الدرر. فهؤلاء يقولون نحن سننكر عليهم؟ هل كل مرة ستنكر!.. هذا شيئ الواقع يخالفه، وقد رأينا الكبار الذين دخلوا مجلس الشعب كالشيخ صلاح أبو إسماعيل رأينا رئيس المجلس علنا يكلمه كلاماَ فظاَ غليظاَ ويأمره بالسكوت والجلوس! لأن الكلام في المجلس ليس مفتوحا هكذا وإنما هناك جدول للأعمال وهناك مدة معينة من الدقائق يتكلم فيها العضو وبإمكان رئيس المجلس وسلطاته أن يأمر أي عضو بالسكوت في أي لحظة، يقول له انتهى الكلام ووصلت رسالتك كما يقولون وليس له أن يقول أنا أريد أضيف عشر دقائق أو ربع ساعة..- قال ابن القيم في إغاثة اللهفان: واللغو في اللغة كل ما يلغى ويطرح والمعنى: لا يحضرون مجالس اللغو وإذا مروا بكل ما يلغى يعني باللغو من قول أو عمل أكرموا أنفسهم أن يقفوا عليه أو يميلوا إليه..ثانيا الأدلة من السنة : ما رواه أبو يعلى وابن حبان عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما قال رسول الله ﷺ: «ليأتين على الناس زمان يكون عليكم أمراء سفهاء يقدمون شرار الناس ويظهرون بخيارهم» يعني: كأنهم يؤخرون خيارهم «ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها فمن أدرك ذلك منكم» يعني من أدرك هؤلاء الأمراء أمراء السوء «فلا يكونن عريفا» يعني لا يعمل عندهم عريف والعريف :هو القيم المسئول عن جماعة من الناس يعني مجموعة من الناس يختارون شخصا يمثلهم  ويلي أمورهم ويتعرف الأمير منه على أحوالهم كما في المدارس والجامعات ، والآن النواب كأنهم عرفاء للناس، عرفاء بلدة كذا أو قرية كذا أو  المكان الفلاني يقول «فلا يكونن عريفا ولا شرطيا ولا جابيا» والجابي هو الذي يجمع الصدقات «ولا خازنا» وهو الذي يحفظها يعني لهؤلاء الأمراء قال: «فلا يكونن عريفا ولا شرطيا» لأنه غالبا ما يأمر الأميرُ السفيه الشرطيَ أن يفعل ما لا يرضي الله سبحانه وتعالى ، رواه أبو يعلى وابن حبان وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة..2- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ: قال «ويل للأمراء ،ويل للعرفاء. ليتمنين أقوام يوم القيامة أن ذوائبهم» يعني : الضفائر «أن ذوائبهم معلقة بالثريا» يعني بالنجوم «يتذبذبون بين السماء ولم يكونوا عملوا على شيء» يعني لم يكون اشتغلوا لهؤلاء وتولوا عملا لهؤلاء «ويل للأمراء ويل للعرفاء» العرفاء كما قلنا جمع عريف.. رواه أحمد وقال الألباني صحيح لغيره..وروى أحمد عن عمر رضي الله عنه سمعت رسول الله ﷺ يقول: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمر» يعني المؤمن منهي عن أن يجلس على مائدة يشرب عليها الخمر فما بالك إذا جلس على مائدة يشرع فيها شرع غير شرع الله سبحانه وتعالى، رواه أحمد وصححه الألباني في غاية المرام..ثالثا :من الآثار الواردة عن السلف :-عن حذيفة رضي الله عنه قال: إياكم ومواقف الفتن.. قيل: وما مواقف الفتن يا أبا عبد الله؟ قال: أبواب الأمراء..- أبواب السلاطين-.. يدخل أحدكم على الأمير فيصدقه بالكذب ويقول ما ليس فيه..و عن ابن مسعود  رضي الله عنه :قال :إن على أبواب السلطان فتنا كمبارك الإبل والذي نفسي بيده لا تصيبون من دنياهم إلا ما أصابوا من دينكم مثله.. رواه عبد الرزاق في مصنفه..وعن سفيان الثوري:  "إذا رأيت القارئ يلوذ بالسلطان.. -القارئ يطلقونه قديما على الفقيه.-. إذا رأيت القارئ يلوذ بالسلطان فاعلم أنه لص وإذا رأيته يلوذ بالأغنياء فاعلم أنه مراء وإياك وأن تخدع فيقال لك ترد مظلمة..- يعني تدخل مثلا مجلس الشعب لكي ترد مظلمة- إياك أن تخدع فيقال لك ترد مظلمة ،تدفع عن مظلوم؛ فإن هذه خدعة إبليس اتخذها القراء سلما. ". يعني يقول أنا سأذهب لكي أكلمه لكي أدفع عن فلان أو أرد حق فلان، فيقول سفيان الثوري: إياك أن تخدع فيقال لك ترد مظلمة تدفع مظلوما فإن هذه خدعة إبليس..وأخيرا: عن أحمد بن سعيد الرباطي قال: قدمت على أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى  فجعل لا يرفع رأسه إلي، - يعني لا يريد أحمد بن حنبل أن ينظر إلى وجهه، وهو مُحدث مشهور قال الخليلى فىه  : " ثقة عالم حافظ متقن  " ، قال فقلت: يا أبا عبد الله، إنه يكتب عني بخراسان، يعني أنا رجل حديث والناس تكتب عني الحديث، وإن عاملتني بهذه المعاملة رموا بحديثي.. - يعني إذا قيل أن أحمد بن حنبل لا يكلم أحمد بن سعيد الرباطي رموا بحديثه - فقال لي: يعني أحمد بن حنبل:-  "يا أحمد هل بُدّ- يعني هل مفر-يوم القيامة من أن يقال أين عبد الله بن طاهر؟ عبد الله بن طاهر كان أميرا للخليفة المأمون قال الذهبي في تذكرة الحفاظ :  " وكان قد ولاه  ابن طاهر أمر الرباط فلهذا لما دخل الى أحمد بن حنبل لم يبش به وقال له هل بد من أن يقال غدا أين ابن طاهر واتباعه فانظر أين تكون "ولذا " قال أبو حاتم الرازى : أدركته و لم أكتب عنه ، و كتب إلى بأحاديث و كان يتولى على الرباطات "  قال له: يا أحمد.. يكلم أحمد الرباطي: هل بد؟.. يعني هل من مفر يوم القيامة من أن يقال أين عبد الله بن طاهر وأتباعه؟ انظر أين تكون أنت منهم.. يعني يوم القيامة إذا قيل فليخرج عبد الله بن طاهر وأتباعه –لعل هذا الإنكار من أجل توليه ولاية الرباط ، فقال له: لو خرج عبد الله بن طاهر يوم القيامة وخرج أتباعه وخرجت معهم أين ستكون.. فلو قيل هذا الكلام في أعضاء مجلس الشعب عندما ينادى عليهم :أين الذين يشرعون  غير شرع الله ويعطون لأنفسهم حق  التشريع فيقومون وأنت معهم . تخيل كيف ستخرج وتكون واحداً منهم وتقف بين يدي الله يوم يقوم الأشهاد في عرصات القيامة نسأل الله السلامة والعافية . هذا الجزء الأول في الموضوع وهو الأدلة من الكتاب والسنة والآثار على منع الجلوس مع أهل الباطل في باطلهم ومن هذا الباطل تشريع الشرائع التي يخول الدستور لهؤلاء أو لهذه السلطة التشريعية أن تقوم بها مع الله سبحانه وتعالى بل تنحية شرع الله جل وعلا واختراع قوانين ودساتير يحكمون بها في رقاب البشر.قال الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ مفتي الديار السعودية سابقا – رحمه الله تعالى -: "إن من الكفر الأكبر المستبين تنزيل القانون اللعين  منزلة ما نزل به الروح الأمين على قلب محمد ﷺ ليكون من المنذرين بلسان عربي مبين في الحكم به بين العالمين والرد إليه عند تنازع المتنازعين  ".ثانياً ذكر كلام  رجال خاضوا في تلك السياسات الخداعة وعرفوا ما فيها :قلنا السياسات الخداعة لأنه يوجد سياسة شرعية والسياسة الشرعية هي أن يقوم الوالي بسياسة الناس بالشريعة أي بالكتاب والسنة، وقد ألف  العلماء كتبا في السياسة:منها  " السياسة الشرعية في أحكام الراعي والرعية لابن تيمية "، والأحكام السلطانية للماوردي، و الطرق الحكمية لابن القيم، والتراتيب الادارية للكتاني، لكن هذه السياسة التي نحن فيها الآن سياسة خبيثة تقوم على المكر والدهاء والنفاق والكذب والتملق، وهي مدارس لها أساتذتها ولها علومها ولها مدارسها ومعاهدها، فممن دخلوا في تلك المدارس وعرفوا ما فيها: الأستاذ سيد قطب حيث قال في كتابه «لماذا أعدموني» - ونحن نذكر هذا من باب ﴿وشهد شاهد من أهلها﴾ ربما يستمع هؤلاء لكلامه ، مع التذكير بأننا ذكرنا مخالفات الأستاذ سيد قطب في العقيدة وفي الأسماء والصفات وفي الصحابة وفي غير ذلك، في عدد من الدروس السابقة، وربما يأتي التنبيه هنا على بعض الأشياء-.يقول في كتابه «لما ذا أعدموني»:  "بعد مراجعة ودراسة طويلة لحركة الإخوان المسلمين ومقارنتها بالحركة الإسلامية الأولى..- يعني يقصد عهد النبوة يسميها حركة،  هناك مخالفات في الكلام وفي الأسلوب بعضها ربمالا يتسع الوقت للتعليق على كل كلمة ولكن نريد الشاهد.. يقول: " ومقارنتها بالحركة الإسلامية الأولى في الإسلام أصبح واضحا في تفكيري أن الحركة اليوم تواجه حالة شبيهة بالحالة التي كانت عليها المجتمعات البشرية يوم جاء الإسلام.. – يلاحظ أنه  صرح في عدد من الأماكن أن البشرية ارتدت في هذا العصر- والعياذ بالله- فهو يريد أن يقول أن الحالة الآن رجعت كما كانت في أيام الجاهلية.. يقول:  "والبعد عن القيم والأخلاق الإسلامية وليس فقط البعد عن النظام الإسلامي والشريعة الإسلامية وفي الوقت نفسه تجد معسكرات صهيونية وصليبية استعمارية قوية تحارب كل محاولة للدعوة الإسلامية وتعمل على تدميرها.. سأحاول أختصر في بعض الكلام الذي يعتبر كلاما جانبيا يقول:  " بينما الحركات الإسلامية تشغل نفسها في أحيان كثيرة بالاستغراق في الحركات السياسية المحدودة المحلية كمحاربة معاهدة أو اتفاقية أو محاربة حزب أو تأنيب خصم في الانتخابات عليه كما أنها تشغل نفسها بمطالبة الحكومات بتطبيق النظام الإسلامي والشريعة الإسلامية بينما المجتمعات ذاتها بجملتها –وانتبه لهذه الكلمة (بجملتها)- قد بعدت عن فهم مدلول العقيدة الإسلامية والغيرة عليها وعن الأخلاق الإسلامية ولا بد إذا أن تبدأ الحركات الإسلامية من القاعدة وهي إحياء مدلول العقيدة الإسلامية في القلوب.. بينا أن مدلول العقيدة الإسلامية عنده هو الحاكمية صرح بهذا في أكثر من كتاب.. ولا بد إذا أن تبدأ الحركات الإسلامية من القاعدة وهي إحياء مدلول العقيدة الإسلامية " مدلول العقيدة كما ذكرناه الصواب أنه  المدلول الشامل أن يؤخذ بالشريعة في الاعتقاد وفي العبادات وفي المعاملات وفي الأخلاق وفي السلوكيات.. لوأن مجموعة من الناس يركبون سفينة في وسط البحر المتوسط أو المحيط الهادي وليس عندهم حكومة ولا دولة وحصل بينهم خلاف فلا بد أن يحكموا في هذه السفينة بشرع الله إذا علموه  وأن يحكّموا شرع الله، لا يوجد   محكمة ولا رئيس ولا شرطة.. فشرع الله كما قلنا يشمل هذا كله..يقول:  "فلا بد أن تبدأ الحركات الإسلامية من القاعدة وهي إحياء مدلول العقيدة الإسلامية في القلوب وفي العقول وتربية من يقبل هذه الدعوة وهذه المفهومات الصحيحة تربية إسلامية صحيحة. ". يقول:  "وعدم إضاعة الوقت في الأحداث السياسية الجارية وعدم محاولات فرض النظام الإسلامي عن طريق الاستيلاء على الحكم قبل أن تكون القاعدة المسلمة في المجتمعات هي التي تطلب النظام الإسلامي. ". يعني يقول قبل أن تستولي على الحكم لا بد أن تبدأ بتربية القاعدة المسلمة التي سيحكم بها الإسلام.. يقول: هي التي تطلب النظام الإسلامي لأنها عرفته على حقيقته.. يعني الشعب عرف الإسلام.. " وتريد أن تحكم به إذ أن الوصول إلى تطبيق النظام الإسلامي والحكم بشريعة الله ليس هدفا عاجلا ".. يعني لن يتحقق في يوم وليلة.. يقول  "لأنه لا يمكن تحقيقه إلا بعد نقل المجتمعات ذاتها أو جملة صالحة منها ".. يعني إما الأكثرية أو الأغلبية.. " ذات وزن وثقل في مجرى الحياة العامة إلى فهم صحيح للعقيدة الإسلامية.. يعني لا بد من تربية الشعب على الإسلام الصحيح.. " ثم للنظام الإسلامي وإلى تربية إسلامية صحيحة على الخلق الإسلامي مهما اقتضى ذلك من الزمن الطويل والمراحل البطيئة. ". وهذا الذي لا يرضون به.. يقولون إلى متى تجلسون في تربية الناس، إلى متى تقولون لا بد من التربية والتصفية كما كانت دعوة الشيخ الألباني رحمه الله تعالى  سيأتي كلامه .ثم يقول -أختصر كلاما له في الأخير- : " واليوم يجب أن تبدأ الحركة والدعوة من نفس النقطة التي بدأ منها الإسلام وأن تسير في خطوات مشابهة مع مراعاة بعض الظروف المغايرة. " اهـ.  ، الخلاصة أنه يرى أنه ينبغي  أن تبدأ الحركة والدعوة من نفس النقطة التي بدأ منها الإسلام يقصد في العصر الأول وأن تسير في خطوات مشابهة مع مراعاة بعض الظروف المغايرة..المرشد القديم الأستاذ عمر التلمساني الأستاذ عمر التلمساني عليه ملاحظات كثيرة في التصوف وملاحظات عقدية وسلوكية لكن نأخذ هنا كلامه في هذه المسألة السياسة والانتخابات ورأيه فيها لعل الإخوان ومن يمشي معهم ويتحالف معهم ويضع يده في أيديهم ممن ينتسب للسلف الصالح أو لأهل السنة  لعلهم يستفيدوا من تجربة هذا المرشد الذي قضى فترة طويلة من الزمان في تعيينه مرشدا لهم ثم بعد ذلك يقول هذا الكلام في كتاب  " الموهوب أستاذ الجيل  " يعني حسن البنا قول:  "للأسف وأنا أكتب هذا في مطالع الثمانينات ، كاد عمل الشباب الذي يعمل في الحقل الإسلامي يقتصر على الناحية السياسية التي ذهبت بالجزء الأكبر من جهودهم. ".- الناحية السياسية أخذت منهم الجزء الكبير والأكبر وإلى الآن الإخوان يعيشون على هذا، يعيشون على السياسة ويدورون حول السياسة وينعقون بالسياسة في مجالسهم وفي مجتمعاتهم وفي نواديهم وفي مظاهراتهم وفي ثوراتهم،- فيقول الأستاذ التلمساني:  "ولكن للأسف وأنا أكتب هذا في مطالع الثمانينات كاد عمل الشباب الذي يعمل في الحقل الإسلامي يقتصر على الناحية السياسية التي ذهبت بالجزء الأكبر من جهودهم مما كبدهم الكثير..- يعني جعلهم يخسرون الكثير-..  "وأضاع عليهم الكثير ".. يقول:  "وكأنه لم يعد في دعوة الله إلا الناحية السياسية ".. هذا كلامه ﴿شهد شاهد من أهلها﴾.. وأنت إذا جلست معهم ستعرف هذا، لا تسمع منهم شيئا عن التوحيد ولا عن العقيدة ولا عن محاربة الشرك ولا عن محاربة أهل البدع، لا، أهم شيء هو الوصول للكرسي وعندما نصل للكرسي سنتفاهم، كما تفاهموا في أفغانستان وقتلوا أهل السنة وصفوا الحسابات مع بعضهم حتى رجع الكرسي مرة أخرى إلى العلمانيين..يقول  التلمساني:  "ولا شك أن الأحداث السياسية المتلاحقة والطرق التي عالجتها بها الحكومات المتوالية فرضت نفسها فرضا على الصعيد المصري حتى أصبح من المتعين على الشباب المسلم أن يبدي رأيه فيما يحدث وأن يقترح العلاج ومن يعارض في إبداء طلبة الجامعة رأيهم فيما يعرضون لبلده  داخليا وخارجيا إنما يحرمهم حقا طبيعيا لهم. ".ثم  يقول: ولكنني في نفس الوقت آخذ على طلبة الجامعات- لأن أيامها كان الباب مفتوحا لطلبة الجامعات عن طريق الاتحادات الطلابية-.. يقول: " آخذ على طلبة الجامعات أنهم يكادون يحصرون جهودهم واهتمامهم في الناحية السياسية وبأساليب لا أقرهم عليها "..- يعني حتى التلمساني يخالفهم في الأساليب، يخالف طلبة الجامعات في الاتحادات الطلابية في أساليبهم، وبأسأليب لا أقرهم عليها يقول " إنهم أصبحوا لا يقيمون مؤتمرا في الجامعة أو الأزهر أو أي مكان آخر إلا لغرض السياسة "- مؤتمرات سياسية، مؤتمرات بغرض السياسة، يقول مؤتمر حاشد جاء فيه مئة ألف أو خمسون ألفا، من أجل ماذا؟ مؤتمرا سياسيا.. هل سمعت مؤتمرات حاشدة في النهي عن الشرك وفي محاربة صور الشرك في مجتمعنا، هل رأيت أحدا في هذه الفترة التي يقولون أنها فترة مناسبة نفعل ما شئنا فيها يعقد مؤتمرا لمحاربة القبور المبنية والأضرحة التي تعبد من دون الله في مشارق هذه البلاد ومغاربها.. هل يجرؤ هؤلاء المؤتمرون في القاهرة أو في أي مكان آخر أو في طنطا أن يرفعوا عقيرتهم في وقت ليس  فيه شرطة ولا أمن بهدم الأوثان التي تعبد من دون الله كما يفعل عند قبر البدوي وقبر السيدة نفيسة وزينب والرفاعي والدسوقي وغير ذلك في مشارق بلادنا ومغاربها..هذا مقطع من كلام اثنين من كبار الإخوان المسلمين المعروفين على مستوى العالم، ولعل هذا الكلام منهما يكون فيه رادع لمن يريد أن يمشي في المرحلة القادمة في هذا السلك الذي حذر منه هؤلاء الذين عاشوا فترة طويلة فيه..           

     (  فتوى الشيخ الألباني في أحداث الجزائر) وهو العلامة محدث العصر الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى الرجل العلامة الذي عاش في الدفاع عن السنة ونشرهابالكلمات والمصنفات المطولة والمختصرة وقدلخص دعوته في كلمتين التصفية والتربية..وقد كانت جبهة الإنقاذ في الجزائرقد وصلت في فترة من الفترات عن طريق الانتخابات والدستور إلى قريبا من كرسي الحكم، وبعدما أوشكت أن تجلس على الكرسي حصل ما لم تكن تتوقعه قيادة تلك الثورة، كانت يرأسها اثنان أحدهما هو  علي بلحاج منتسب للسلفية والآخر عباس مدني منتسب للإخوان، عندما كادوا أن يصلوا إلى الكرسي وكانت كما قلت ثورة يقال فيها أن من الشعب  مليون جزائري يطالب بالإسلام قام الرئيس بحل الحكومة و إسقاط الدستور، وبإسقاط الدستور سقط الحق  الانتخابي للثوار بعدما انتُخبوا من الشعب  وبالتالي سقطت كما يقولون " الشرعية " المأخوذة من الدستور والآن الشرعية تؤخذ من الثوار، لا تؤخذ الشرعية من كتاب الله ولا من سنة رسول الله ﷺ ولا من أهل الحل والعقد ولا من أهل العلم وأهل الشريعة وإنما من الذين يتظاهرون ويثورون تؤخذ منهم الشرعية، فسقطت شرعية الثوار الجزائريين وعند ذلك حصل التصادم بين الدولة وبين الثوار ودخل السجن من دخل واعتقل من اعتقل، المهم أنهم كانوا في هذه الأيام يتصلون بالشيخ الألباني ليسألوه عن رأيه في مسألة الانتخابات فأجاب في ذلك على عدة أسئلة وكانت كالتالي:السؤال : ما حكم الشرع في الانتخابات التشريعية، ما يسمى بالبرلمان التي نسعى من خلالها إلى إقامة الدولة الإسلامية وإقامة الخلافة الراشدة؟.. هذا نص السؤال.. يعني يريدون تصريحا ليس كما يقولون هنا في مصر دولة ديمقراطية، لا، يقولون نريد أن نسعى من خلال هذه الانتخابات التشريعية إلى إقامة دولة إسلامية وإقامة خلافة راشدة..هذا الجواب مع شيء من الاختصار: يقول الشيخ الألباني رحمه الله تعالى:  "إن أسعد ما يكون المسلمون في بلادهم يوم ترفع راية لا إله إلا الله وأن يكون الحكم فيها بما أنزل الله وإن مما لا شك فيه أن على المسلمين جميعا كل حسب استطاعته أن يسعوا إلى إقامة الدولة المسلمة التي تحكم بكتاب الله وسنة رسول الله ﷺ وعلى منهج السلف الصالح وهذا لا بد فيه من أمرين هامين.. الأول: تقديم العلم النافع إلى من حولهم من المسلمين ".. أول أمر لإقامة الدولة الإسلامية: تعليم الناس العلم النافع..  "ولا سبيل إلى ذلك إلا بأن يقوموا بتصفية العلم الذي يتوارثوه مما دخل فيه من الشركيات والوثنيات حتى صار أكثرهم لا يعرفون معنى لا إله إلا الله وأن هذه الكلمة الطيبة تستلزم توحيد الله في عبادته وحده لا شريك له فلا يستغاث إلا به ولا يذبح ولا ينذر إلا له وألا يعبدوه تعالى إلا بما شرع على لسان نبيه ﷺ. ".  لا يخفى أن هذا أمر الآن لا يسمح بالكلام فيه في خضم الانتخابات القادمة..يقول الشيخ:  "وذلك يستلزم تصفية السنة مما دخل فيها على مر الأيام من الأحاديث الضعيفة والموضوعة ويستلزم تصفية السلوك من الانحرافات الموجودة في الطرق الصوفية .. " إلى آخره..إذاً الأمر الأول تقديم العلم النافع للأمة.. الأمر الثاني:قال  " أن يربوا أنفسهم وذويهم ومن حولهم من المسلمين على هذا العلم النافع. "... ثم يقول:  "وحينئذ إذا قامت جماعة من المسلمين على هذه التصفية والتربية الشرعية فسوف لا تجد فيهم من يختلط عليه الوسيلة الشركية بالوسيلة الشرعية لأنهم يعلمون أن النبي ﷺ قد جاء بشريعة كاملة بمقاصدها ووسائلها ". البعض يظن أن الشريعة لم تأت بكيفية الوصول للحكم فيلجؤون إلى هذه الطرق الشركية كما قال الشيخ.. ثم يقول: " لأنهم يعلمون أن النبي ﷺ قد جاء بشريعة كاملة بمقاصدها ووسائلها، -بالمقاصد التي هي الغايات والوسائل التي تؤدي إلى هذه الغايات.. يقول  "ومن مقاصدها مثلا: النهي عن التشبه بالكفار وتبني وسائلهم ونظمهم التي تتناسب مع تقاليدهم وعاداتهم.. ومنها..- يعني من طرق الكفار للوصول للحكم- " اختيار الحكام والنواب بطريقة الانتخابات. ". إذا طريقة الانتخابات هذه طريقة مستوردة من الكفار، ومن تشبه بقوم فهو منهم.. يقول الشيخ  "إن الإسلام جاء ببيان المقاصد والوسائل وهذه الوسيلة وسيلة الانتخابات الجاهلية هذه مأخوذة من الكفار " لماذا ؟ لأنهم لا يفرقون فيها  في التصويت بين المسلم والكافر والمرأة والرجل والجاهل والعالم، فعندهم أي إنسان يدلي بصوته يقول أي شيء وينتخب أي شخص يريده، والآن ستكون عن طريق الرقم القومي فأي شخص معه بطاقة يستطيع أن ينتخب أي إنسان سواء كان صالحا أو فاسدا أو كان علمانيا أو شيعيا أو بهائيا أو رافضيا..يقول الشيخ: " ومن مقاصدها النهي عن التشبه بالكفار وتبني وسائلهم، ومنها: اختيار الحكام والنواب بطريقة الانتخابات.. يعني طريقة الانتخابات هذه طريقة مستوردة.. فإن هذه الوسيلة تتناسب مع كفرهم وجهلهم الذي لا يفرق بين الإيمان والكفر ولا بين الصالح والطالح ولا بين الذكر والأنثى وربنا جل وعلا يقول ﴿أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون﴾ وقال تعالى ﴿وليس الذكر كالأنثى﴾. وكذلك يعلمون أن النبي ﷺ عندما بدأ بإقامة الدولة المسلمة بدأ  بالدعوة  إلى التوحيد والتحذير من عبادة الطواغيت وتربية من يستجيب لدعوته على الأحكام الشرعية... " ثم يقول: " فمن كان يريد أن يقيم الدولة الإسلامية حقا لا يُكتل الناس ولا يجمعهم على ما بينهم من خلاف فكري وتربوي "- يعني لا يكون همه تجميع الناس فقط كتلا وأحزابا، كما هو الآن  :الأحزاب كثرت وستكثر الأحزاب والهيئات واللجان، تكتلات كثيرة.. ، فالداعية لا يكتل الناس ولا يجمعهم على ما بينهم من خلاف فكري، ليست مشكلة عندهم أن حزباً يجمع علمانياً مع ديمقراطي مع رافضي مع سني مع صوفي مع خارجي مع معتزلي، المهم تعال وانضم في صفنا لنكثر الصف..يقول: " فمن كان يريد أن يقيم الدولة المسلمة حقا لا يكتل الناس ولا يجمعهم على ما بينهم من خلاف فكري وتربوي كما هو شأن الأحزاب الإسلامية المعروفة اليوم.. بل..  لا بد من توحيد أفكارهم ومفاهيمهم على الأصول الإسلامية الصحيحة الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح كما تقدم ".. هذه يُعبر عنها بتوحيد الكلمة قبل توحيد الصف.. قبل أن توحد الصف لا بد أن توحد الكلمة.. يقول: " لا بد من توحيد أفكارهم ومفاهيمهم على الأصول الإسلامية الصحيحة على الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح. ". كثير من الناس يذكر قرآنا وسنة بفهم سلف الأمة.. ثم تجده يرمي بهذا الكلام عرض الحائط، كلام السلف، ويمشي خلف ما يهواه شيوخه أو يأمرون به، أين اتباع السلف الصالح، النبي الكريم ﷺ عرضوا عليه وهو في مكة المال وعرضوا عليه الرياسة والملك كما روى هذا البيهقي في الدلائل قالوا: لو أردت مالاً أعطيناك، لو أردت ملكا أو رياسة رأسناك علينا، فرفض كل هذا وقرأ عليهم الآيات من سورة فصلت ﴿فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود﴾ كان بالإمكان أن يقول  هذه فرصة أمسك الرياسة في مكة وأمسك الرياسة في دار الندوة وأكون من رؤساء دار الندوة ومكة ثم أدعو الناس من خلال هذا المنصب لكن لم يفعل ذلك النبي الكريم ﷺ لأنه سيتنازل، لا بد أن يتنازل عن شيء من هذا الدين ﴿قل يا أيها الكافرون. لا أعبد ما تعبدون. ولا أنتم عابدون ما أعبد. ولا أنا عابد ما عبدتم. ولا أنتم عابدون ما أعبد﴾..يقول الشيخ:  "الكتاب والسنة على  منهج السلف الصالح فمن أعرض عن هذا المنهج لإقامة الدولة المسلمة "- يعني من ترك هذا المنهج وسلك سبيل الكفار في إقامة دولتهم.. عن طريق هذه البرلمانات الديمقراطية وغيرها فهو كالمستجير من الرمضاء بالنار "، يعني إنسانا يفر من الرمال الساخنة إلى النار.. وحسبه خطأ إن لم أقل إثما أنه خالف هديه ﷺ ولم يتخذه أسوة، والله عز وجل يقول ﴿لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا﴾..أختم هذا بكلمة للشيخ في ختام هذه الرسالة:قال رحمه الله تعالى  " نضيف إلى ذلك ألا يكون همكم معشر الجبهة الإسلامية الوصول إلى الحكم قبل أن يصبح الشعب مهيأً لقبول الحكم بالإسلام ولا يكون ذلك إلا بفتح المعاهد والمدارس التي يتعلم فيها الشعب أحكام دينه على الوجه الصحيح ويربى على العمل بها ولا يكون فيها اختلاف جذري ينشأ منه التحزب والتفرق كما هو الواقع الآن مع الأسف في الأفغان.. قال تعالى ﴿ولا تكونوا من المشركين. من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون﴾ يقول الشيخ:  "ولذلك قيل من استعجل الشيء قبل أوانه ابتلي بحرمانه.. ومن رأى العبرة بغيره فليعتبر.. – يعني يعتبر بما حصل في أفغانستان وفي الجزائر وفي تركيا وفي حماس-يقول: فقد جرب بعض الإسلاميين من قبلكم في غير ما بلد إسلامي الدخول في البرلمان بقصد إقامة دولة الإسلام فلم يرجعوا ولا بخفي حنين ذلك لأنهم لم يعملوا بالحكمة القائلة: أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم على أرضكم.. وهذا كما قال ﷺ: «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» رواه مسلم فالله سبحانه وتعالى أسأل أن يلهمنا رشدنا وأن يعلمنا ما ينفعنا ويهدينا للعمل بشرعة ربنا متبعين في ذلك بسنة نبينا ومنهج سلفنا فإن الخير كله في الاتباع والشر كله في الابتداع وأن يفرج عناماأ همنا وأغمنا وأن ينصرنا على من عادانا إنه سميع  مجيب.. وكتبه: محمد ناصر الدين الألباني في عمان سنة1412هـ..ثانيا :مفاسد الانتخابات ودخول المجالس البرلمانية (مجلس الشعب).هذه المفاسد سنذكرها بإذن الله جل وعلا مرتبة: 1-مفاسدالدخول في الانتخابات. 2- المفاسد الحاصلة من الدخول في البرلمان نفسه 3- المفاسد الحاصلة على الدعوة نفسها وتربية الأمة. ثم نذكر بعد ذلك   كلاما لاثنين معروفين، أحدهما معروف في الإخوان المسلمين الأستاذ محمد قطب وله كتاب كبير في هذا "واقعنا المعاصر " وله رسالة سنذكر مقطعا صغيرا منها في التحذير من الدخول في المجالس البرلمانية وبيان خطر ذلك، وكذلك فتوى للشيخ أبي إسحاق الحويني مفرغة من بعض دروسه في المنع أيضا من ذلك سأحاول أن أذكر النقاط مختصرة:-أولا  في مسألة الانتخابات:     نظام الانتخابات هو جزء من الدساتير العلمانية.. نظام الانتخابات الموجود بكل تفاصيله التي هي جزء من الدساتير العلمانية المستوردة،  نظام الانتخابات بالطريقة المعروفة عندنا نظام جاهلي مبتدع - فيه عدم اشتراط الإسلام للناخب فضلا عن العلم الشرعي، فلا يشترط في الناخب أن يكون عنده علم أو فقه. - وأيضا فيه دخول للغوغاء والجهال والسفهاء من الرجال والنساء.فأي شخص  له رقم قومي  سيدخل سواء كان سفيها أو غوغائيا، رجلا أم امرأة، بغض النظر عن هذا الشخص  هل له فهم؟ له فقه؟ ،له قول معتبر أم لا.؟. فيدخل هؤلاء ينتخبون من تهوى نفوسهم وتريده أهواؤهم ويحقق لهم مطالبهم ولو كانت مخالفة للشريعة..--مفاسد دخول البرلمان أو المجالس التشريعية أو مجلس الشعب: أولا: الحكومة الإسلامية القائمة على الكتاب والسنة ليس فيها مجالس نيابية، هذه نقطة مهمة، الحكومة الإسلامية ليس فيها مجالس تشريعية لأن الأمة ليست هي المشرع للأحكام بل المشرع للأحكام هو الله سبحانه وتعالى. فالحكومة الإسلامية القائمة على الكتاب والسنة لا يعرف فيها شيء اسمه مجالس تشريعية ولا برلمانية يشرع فيها الشعب كما هو الحال في مجالس الديمقراطية البرلمانية الحالية..ثانيا: مفسدة الإقرار بالباطل وممارسته عملياً قد تكون أعظم من مجرد الكلام عنه أو الدعوة إليه لأن الإيمان قول وعمل، فبعض الناس يتكلم عن بطلان المجالس التشريعية ويعطي فيها خطباً ومحاضرات ثم يلوث يده في الأخير أو يد بعض أصحابه أو أعوانه بالدخول فيها، بل يدخل فيها بجسده وبكل جوارحه لا نقول بتلويث  اليد فقط، فالإيمان قول وعمل، فالذي ينهى عنها باللسان ينبغي أن ينهى عنها كذلك بالجوارح وألا يجالس أهلها في باطلهم..ثالثا: لا يجوز عرض الأحكام الشرعية ولا الشريعة الإسلامية للتداول وأخذ الأصوات عليها، لا يجوز أن تعرض حكم الله جل وعلا أو يعرض أمامك حكم الله للتصويت عليه أبدا بأي حال من الأحوال لا يجوز عرض شريعة الملك الحق القدوس على العبيد الفقراء المساكين لأخذ آرائهم وللتصويت عليها ليكون ذلك عرضة للأخذ والرد لأن تطبيق شرع الله واجب لا ينتظر أن يصوت عليه الأغلبية فيقبلونه أو يرفضونه والعياذ بالله، قال تعالى ﴿واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون. أفحكم الجاهلية يبغون﴾ أول الآية ﴿واحذرهم أن يفتنوك عن بعض﴾ فقال (بعض): ولم يقل كل .. هذه البرلمانات تقوم على أن السيادة والتشريع للبشر والمرجع في الصواب والخطأ هو عدد الموافق أو المخالف حتى لو خالف الشرع وأي مفسدة فوق هذه فهو كالذي يهدم مصراً ويبني قصراً، فهو كمن دخل بلدا فهدمها وبنى فيها قصراً بعدما هدمها وقال هذه مصلحة، هدم البلدة وأقام مكان البلدة قصرا، فالقول بالحكم للأكثرية  فيه إسقاط لمرجعية الشريعة..رابعاً : الامتناع عن الدخول في هذه المجالس في حد ذاته إعلان للحكم الشرعي وإقامة الحجةعلى بطلان هذه المجالس  ﴿قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون﴾ فنحن لسنا مكلفين بالهداية نحن مكلفون بالبيان والتبليغ.و لو فرضنا جدلاً أنه تم في المجالس التشريعيةتغيير لبعض القوانين بحسب الأصوات فإنه في ذلك المجلس يعني المجلس التشريعي لا مانع من تغييرها مرة أخرى بأصوات أخرى معارضة بحسب الأغلبية، على عكس هذا القرار فيلغى هذا القرار الذي استصدر قبل ذلك. وجاء في المادة 112 من الدستور أنه لرئيس الجمهورية حق إصدار القوانين أو الاعتراض عليها،   يعني قد تجتهد مجموعة في إصدار قرار في الأغلبية ثم يرفع لرئيس الجمهورية فله حق الاعتراض على القراركما في المادة 113 والتي تقول : " إذا اعترض رئيس الجمهورية على مشروع قانون أقره مجلس الشعب رده خلال ثلاثين يوما من تاريخ إبلاغ المجلس إياه. ". يعني رئيس الجمهورية له حق خلال ثلاثين يوما أن يعترض على القرار الذي وافق عليه  المجلس فإذا لم يرد مشروع القانون في هذا الميعاد اعتبر قانونا وأصدر وإذا رد في الميعاد خلال الثلاثين يوما وقال  أنا معترض عليه، رده في الميعاد المتقدم وإذا أقره المجلس ثانية بأغلبية  أعضائه اعتبر قانونا وأصدر. إذاً الأمر راجع للمداولة بين رئيس الجمهورية الذي له حق الاعتراض على أي قرار وبين مجلس الشعب  وكفى بهذا استهزاء بحكم الله المتداول بين آراء العبيد الفقراء المساكين..جاء في فتاوى اللجنة الدائمة في صيغة القسم السابق يقول في سؤال رقم7802:    بعض المسلمين يقسمون بالله على احترام القوانين الوضعية مع أن هذه القوانين تعارض الشريعة فهل هذا العمل من ا