كلمة عن الاعتذار لأهل العلم في ترك العزو أحيانا لما ينقلونه من الكتب بدون عزو
بسم الله الرحمن الرحيم
أحب أن أنبه على هذه المسألة أننا عالة على هؤلاء، يعني عندما نشرح هذا الصحيح فلا بد أن نرجع لكتابات هؤلاء، في الأسانيد وفي المتون وفي المناسبات وفي غير ذلك، لكن أحيانًا الوقت يكون ضيّقًا وأحيانًا تحتاج للاختصار فلا يسوغ دائمًا في كل مسألة أن نقول: قال ابن حجر، قال ابن رجب، قال ابن بطال، قال العيني، لأن هناك أشياء متكررة يأخذها ابن حجر عن ابن رجب مثلاً، ويأخذها العيني عن ابن حجر، وهناك أشياء تعرف بمجرد التأمل، فإذا قلنا هذا فسيكون كل الدرس قال فلان قال فلان، قال فلان عن فلان..
فأريد أن أنبه أننا في شروحنا عالة على العلماء، نأخذ من كلامهم، ونلخص كلامهم لكم ونقربه لكم، مع مزيد من الإيضاح أو خدمة في تحقيق حديث أو تخريج حديث أو إضافة لغوية أو في التفسير ونحو ذلك..
قد يفوتنا أحيانًا العزو لبعض الناس أو لبعض العلماء إما لضيق الوقت أو للاختصار ونحو ذلك، وسيأتينا الآن من كلام البدر العيني ما ينقله عن الحافظ ابن حجر ومن كلام القسطلاني ما ينقله في إرشاد الساري ولا يعزوه لابن حجر ولا للعيني وكما قلت لهم الأعذار في ذلك ولا نستطيع أن نقول أن هؤلاء سرقوا تلك النصوص، لا نستطيع أن نتهم هؤلاء أنهم سرقوا تلك النصوص لأن لهم مقاصد حسنة عظيمة، كما يفعل الحافظ الكبير الذي معنا في الطحاوية ابن أبي العز الحنفي، أنتم تقرؤون معي شرح ابن أبي العز الحنفي وأذكر لكم في كل درس النقل الذي ينقله ابن أبي العز، إما من شيخ الإسلام ابن تيمية وإما من ابن القيم وإما من ابن كثير، وهو يربط بين هذه النقول بأسطر يسيرة جدًّا، لو جمعت هذه الأسطر التي يكتبها ابن أبي العز بنفسه أقول ربما لا تتعدى خمس صفحات.. فهل نستطيع أن نقول ابن أبي العز سرق كتب ابن تيمية وابن القيم أو أنه لص، لا، هذه مجازفة وهذا لا يجوز، وهذه جناية، لا يصلح أن نقول هؤلاء لصوص النصوص، هذا الكلام فيه مجازفة وفيه تهمة لأهل العلم، لا زال أهل العلم في السابق واللاحق ينقل بعضهم من بعض، ويأخذ بعضهم من بعض..
الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى ملأ كتابه من شروح شيوخه، وذكر الشيخ أحمد معبد أن الحافظ ابن حجر نقل من شروح شيخين كبيرين من شيوخه وشرح هذين الشيخين قد فقدا، فيقول: يا ليت النقل الذي نقله أحد شيوخ ابن حجر أظنه قال البلقيني نقل عن بعض شيوخه يقول: يا ليتنا وجدنا حتى هذا الشرح الذي ينقل عن شيخيه، لا وجدنا كتاب الشيخين ولا حتى وجدنا شرح شيخ الحافظ ابن حجر وهو السراج البلقيني..
فهذه الشروح لا شك وهذه النقول فيها فوائد عظيمة جدًّا والإنسان العالم قد يكون له بعض المعاذير في عدم العزو، لماذا ابن أبي العز لا يعزو؟ لأن الحالة السياسية التي كان فيها شيخ الإسلام ابن تيمية وعاش فيها ابن أبي العز كان هناك بغض شديد لابن تيمية، إذا قال قال ابن تيمية قد يسجن وقد يضرب وقد تقطع هذه الأوراق والكتب..
فابن أبي العز نقل ذلك الكلام كما قلت أستطيع أن أقول أكثر من تسعين في المئة أو خمس وتسعين في المئة من كلام ابن أبي العز من كتابه هو من كتب ابن القيم وابن تيمية.. لكن لا يوجد فيه تصريح ولا في موضع واحد بحسب علمنا باسم ابن تيمية رحمه الله تعالى لأن الحرب في عهد ابن تيمية كانت ضروسا عليه، وكما قلت لكم قدم للمحاكمة من أجل العقيدة الواسطية، وقدم للمحاكمة في غير ذلك وكفر بسبب فتواه في طلاق الثلاث، وفي غير ذلك..
فالقصد أننا يجب أن نتأدب مع أهل العلم ونلتمس لهم المعاذير في ذلك، قد ينقل الإنسان كما قلت نصًّا ويحصل عنده غفلة في العزو أو يحصل عنده عذر من الأعذار في العزو أو في النقل أو في نحو ذلك.."اهـ
ملحوظة هذه الكلمة مستلة من شرح الشيخ على كتاب الايمان من صحيح البخاري .