كلمة حول الأزمة السورية وإشكالياتها
بسم الله الرحمن الرحيم
الواقع الذي نحن فيه الآن وعلى رأسه مشكلة سوريا وأظن أن أسئلة كثيرة جاءت هنا عن هذا الشأن بدون أن أقرأها، ستسأل عن هذا الأمر..
أولاً: ينبغي أن تعلم أنت ويعلم كل شخص أنه من ينبغي أن يتكلم في هذه المسائل هم أهل العلم الكبار، لأنهم ينظرون بعينين: بعين الشرع وعين الواقع، هذا الأمر الأول، فلا تتسرع في الافتئات عليهم في فتوى، والعواطف كما ترون لا تصلح في هذه الأمور، كما أن العواطف لم تصلح حتى الآن في تغيير واقع نعيشه ويعيشه غيرنا فالعواطف لا تصلح في الأحكام الشرعية، كما أن العواطف لن تنجي أهل سوريا ولا غيرهم، والعواطف لن تنصرهم ولن تنقذهم مما هم فيه ولن تنقذ غيرهم..
فيجب عليك أن تنحي العاطفة جانبًا، والعاطفة معروفة كل واحد من أهل الإسلام في شتى ديار الإسلام يدعو الله جل وعلا لإخوانه في سوريا بالنصرة وأن يهلك الطاغية بشار الأسد بمن معه من طائفته وممن يعاونه.. هذا شيء مسلّم عند المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، فيبقى النظر الآن بعيدًا عن العواطف..
عندما ننظر إلى مشكلة سوريا الآن لا بد للناظر فيها أن ينظر كما قلت لعدة أمور: أمور واقعة في السياسة، إذا حصل تدخل خارجي لسوريا من الخارج سواءً من الدول العربية أو من غيرها هل من الممكن أن يحصل تدخل كما حصل في ليبيا؟ الجواب: أن وضع سوريا يختلف عن وضع ليبيا في المنطقة وفي المكان، وقد سبق أن هدد بشار بأنه إذا حصل تدخل خارجي سيحرق الشرق الأوسط في ست ساعات، وقد بين ذلك، الثلاث ساعات الأولى: يضع عتاده وأسلحته عند جبال الجولان، ويضرب المنطقة الشمالية يعني فلسطين وتلك المناطق وما حولها ومعهم إسرائيل، يعني حتى تبدأ المعركة تشتعل، والثانية: عن طريق إيران سيضرب المنطقة التي هي جنوب شرق الجزيرة السعودية ومنطقة الخليج بالتعاون مع حليفته الخبيثة القذرة الرافضية إيران..
هذه من جهة، الجهة الثانية: التهديد باستعمال الكيماوي، أمر شائك جدًّا، يعني عندما تنظر إليه لا تنظر إليه بعين العاطفة، تذهب أنت وصاحبك أو مجموعة من أصحابك يتسللون ثم يدخلون إلى سوريا ويقاتلون فيقتلُون أو يُقتَلون، الأمر شائك جدًّا، يعني مصر من أقرب الناس لهذه المشكلة ومن أكثر الأماكن خطورة نظرًا لوجود قناة السويس فيها، إذا تم ضرب قناة السويس في أي منطقة فيها فسيحصل على مصر فساد عظيم جدًّا وإغراق للحرث والنسل، الأمر ليس بالسهل، وإذا أنت تأملت فيه تجده في غاية الخطورة ويحتاج حكمة عالية جدًّا..
قد يكون من الحلول التي كانت مطروحة سابقًا قضية الجيش العربي الموحد الذي اقترحته قطر في وقت من الأوقات، أن يكون هناك جيش عربي موحد من جيوش المسلمين، سيدخل إلى سوريا عن طريق الأردن، ويبقى هناك إشكالات أخرى في من سيقاتِل ومن سيقاتَل..
وهذا أيضًا كما قلت الجيش العربي صعب يوجد لأن العرب غير متفقين أصلاً حتى يتفقوا على جيش..
في نظري أنه قد يكون أيسر الحلول وهذا رأي خاص ليس فتوى ولا شيء، أيسر الحلول لهذه المشكلة اغتيال بشار الأسد، وأنا أظن أن الدول الكبرى تفكر الآن في هذا بل قد تكون فكرت فيه وخططت له لكن السبيل لم يتيسر لأنه يغير مكانه، ربما في اليوم الواحد عدة مرات، فاغتياله كما حصل في كعب بن الأشرف لما اغتيل كعب بن الأشرف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فاغتياله قد يوفر على الأمة نتائج مواجهات قد تحرق المنطقة بكاملها، تحرق الشرق الأوسط وتدمر الشرق الأوسط بكامله..
يبقى أمور أخرى في داخل المعارك، الرايات المرفوعة وأمور أخرى قد تكون هي أكثر اهتمًامًا مما سبق، وهي قضية سوريا بعد بشار، كما قلنا ليبيا بعد القذافي كما قلنا تونس بعد الثورة وكما قلنا مصر بعد الثورة، للأسف الشديد صرح الثوار السوريون بأنهم سيقيمون دولة ديمقراطية مدنية، كما صُرح بذلك في ليبيا وحصل ووقع، وكما حصل في تونس..
واليوم قرأت في الأخبار أن تونس قامت بمنع ستة من الدعاة الذين دخلوا من خارج تونس منهم أربعة من المملكة واثنان من غير المملكة منعوا دخولهم لإلقاء محاضرات في تونس، خوفًا من ماذا؟ خوفًا مما يقال الوهابية وما يزعمون من هذه الافتراءات..
سوريا بعد بشار هل ستكون للإخوان ستكون للديمقراطيين أم للعلمانيين، هذه مشكلة أيضًا تؤرق العالم وتجعل الدول الكبرى تتردد في مد يد العون والسلاح وإلا فبريطانيا من أكثر الدول تشجيعًا لإمداد سوريا بالسلاح لكنه في المقابل فرنسا وهي من أعتى الدول حقدًا على المسلمين ودولة صليبية عاتية تضع لذلك شروطًا وضوابط..
قابلني شخص في الحرم من ليبيا أتى هو وأخوه للعمرة وأخوه عنده إعاقة في عينه وقطع في يده ويقول هذا الليبي أنه لا يوجد بيت عندنا في ليبيا إلا وفيه جريح أو ميت أو قتيل، فقلت له: ما أكبر شيء نقمتموه على القذافي؟ قال: أخذ حوالي ألف وخمسمائة شخص وحبسهم، سجنهم، ثم قتلهم وألقاهم في مقبرة جماعية، ويقال أنه ألقاهم في البحر.. فقلت له: وما حصاد الأرواح التي قتلت في أثناء الثورة الليبية، تقريبا كم ستون أو سبعون ألفًا أو ثمانون أو أكثر أو أقل، كم ذهب من الأرواح في تلك الثورة، يعني يقول لي لا يوجد بيت إلا وفيه إما معاق أو قتيل.. فضلاً عن تدمير ليبيا، ثم كان السؤال بعد ذلك: هل أنتم بعد تلك الثورة حكّمتم الشريعة، بعد كل هذه الضحايا وبعد هذه المقتلة العظيمة والتضحيات حكمتم الشريعة، قالوا: لا، قالوا: دولة مدنية ديمقراطية، إذًا ما الفائدة من كل هذا..
كل هذا من جراء مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية كما ذكرنا كلامه مرارًا: لا يعلم فئة خرجت بعد عبد الرحمن بن الأشعث على حاكم من الحكام إلا وكان ما تفسده أكثر مما تصلحه، شيخ الإسلام يذكر هذا من أيام عبد الرحمن بن الأشعث عندما خرج على الحجاج إلى وقته، إلى الآن، والذين سيكتبون التاريخ ويطلعون عليه يرون هذه الشهادة من إمام كبير ورجل فذ نحرير عالم بصير مجاهد يقول هذا الكلام يسجل في التاريخ ليستفيد منه الأجيال، لمن يريد الاستفادة وإلا فهناك من يضحكون على أنفسهم ويضعون رؤوسهم في التراب وفي الرمال كالنعامة..
فمشكلة سوريا ليست قضية شخص ما يذهب ويجتاز الحدود هناك ويتسلح بالسلاح وغير ذلك..
ومن أعجب ما قرأت وهو شيء لا يصدق أن بعض الفصائل هناك أرسلت إلى الأردن بدعوات تمنعها من تمرير المجاهدين من بلادها وتقول لا نريد مجاهدين، أظن جبهة النصرة، وهذا الكلام قرأته وهو غريب جدًّا، لكن لا يستبعد..
، فالقصد أن بعض المشايخ في المملكة قال ربما الآن يكون الوضع يحتاج إلى إعانة بالسلاح أو بالعتاد والمال وغير ذلك بالطرق الأخرى، فربما يكون هذا هو المتاح الآن، أما كيفية حل هذه المشكلة فكما قلت هي مشكلة عويصة وذكرت لكم بعض خطوط هذه المعركة الصعبة والأمر يحتاج كما قلت إلى أن يجتمع أهل العلم في ذلك ويفتوا فيه فتوى جماعية، يجتمع أهل العلم في ذلك ويفتوا فتوى جماعية ليتناقلوا هذه الآراء والصورة بشكل واضح ويتجاذبوا أطراف الحديث لأن هذا الأمر ليس بالسهل، كما قلت لكم فيه خطورة بالغة إذا كانت الحرب الآن محصورة داخل سوريا فمن الممكن أن تنتقل لتحرق الشرق الأوسط، وليس هذا معناه التخويف، لا، معناه اتخاذ الحكمة والحيطة في هذه الحرب وهذه المعركة، إذا لم تخطط المعركة تخطيطًا صحيحًا ستؤكل، لا بد في أي معركة من التخطيط السليم..
ملحوظة هذه الكلمة مستلة من شرح الشيخ على كتاب الايمان من صحيح البخاري