تنبيه المحتار لما في الدستور من مخالفات و أخطار

موضوعات متنوعة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا..

بمناسبة صدور مسودة دستور مصر الجديد لسنة 2012م وقد دعي الشعب المصري ليقول رأيه فيه ويصوت بنعم أو لا ولما كثرت الأسئلة حول هذا الدستور من العوام ومن طلاب العلم وزاد من تلك الحيرة اختلاف كلام الدعاة والمشائخ حوله كان من اللازم النظر في هذا الدستور وقراءة مواده مادة مادة وتوزن هذه المواد بميزان الشريعة ليتبين الرأي الصائب لمن يريد أن يقول " نعم" أو "لا" وذلك بعد القراءة الهادئة المتأنية بدون التعصب لقول فريق دون غيره .

وربما لا يتسع الوقت لأن نذكر كل ما نريد لكن سنحاول أن نأتي على أكثر ما نريد على سبيل الاختصار، ونهدف من وراء ذلك إلى الأتي:

أولا: الإعذار إلى الله جل وعلا وأن نقوم بواجب البيان.

ثانيا: أن نتبرأ مما جاء في هذا الدستور مما يخالف شرع الله سبحانه وتعالى.

ثالثا: أن يقف كل واحد على المواد التي تخالف شرع الله جل وعلا ويكون هذا الأمر واضحا عنده، ولا يكون كالذين يرضون أن يكونوا كقطعان الماشية أو الأغنام إذا قال قائلهم نعم قالوا نعم وإذا قال لا قالوا لا، هذا الأمر مرفوض عندنا، فإن من القواعد المقررة "أن الحق لا يعرف بالرجال ولكن الرجال يعرفون بالحق"، وقد بوب الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى بابا في كتاب التوحيد قال فيه: باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله فقد اتخذهم أربابا من دون الله، فلا يجوز لنا أن نمشي وراء العلماء أو الأمراء أو المشايخ في تحريم الحلال أو في تحليل الحرام، وقال ابن عباس مهددا من كان عنده من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم وإن شئنا قلنا من الصحابة ومن التابعين عندما أرادوا أن يأخذوا بقول عمر وأبي بكر رضي الله عنهما في ترك المتعة في الحج قال: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون قال أبو بكر وعمر، وذكر أثرا عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى قال: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته يذهبون إلى رأي سفيان والله جل وعلا يقول: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) قال: أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك.

ثم ذكر الإمام المجدد حديث عدي بن حاتم عندما سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) فقال: إنا لسنا نعبدهم، فقال: أليس يحرمون من أحل الله فتحرمونه ويحلون ما حرم الله فتحلونه؟ فقلت: بلى، قال: فتلك عبادتهم. رواه أحمد والترمذي وحسنه.

قدمت بهذه المقدمة وبهذا الباب لأن بعض الناس يحمل سوط الإرهاب الفكري ويقول: لا يجوز لنا أن نخالف المشايخ الذين قالوا نعم للدستور، لا يجوز لنا أن نخالف المشايخ فهم يرون ما لا نرى ويعلمون ما لا نعلم، فنقول لهم: هذا الكلام غير صحيح على إطلاقه، لا بد أن نقول لهم هاتوا دليلكم، طالما نحن الحمد لله نفهم الأدلة ونعرف الأصول الفقهية والقواعد الفقهية ونفهم الأدلة فنقول لهم: هاتوا دليلكم (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) بيننا وبينكم الدليل، ولا نرضى أن نكون كقطعان الماشية تمشي بدون هدى وبدون معرفة، وكل إنسان سيحاسب على قوله وعلى كلامه. هذه النقطة الأولى.

النقطة الثانية: نسأل سؤالا لهؤلاء الذين قالوا نعم: لماذا كنتم تنكرون التشريع من دون الله جل وعلا فيما سبق وتقرونه الآن، لماذا كنتم تنكرون الحكم بغير ما أنزل الله فيما سبق وتريدون أن تمشوه الآن، لماذا أصبح الآن هذا هو المتاح وليس المأمول ولم يكن قبل ذلك هو المتاح فيما سبق، ما الذي حصل هل نزل وحي جديد هل نزلت آيات جديدة هل وقفتم على نصوص جديدة، أم نزل الوحي على أناس جدد لا نعرفهم، ما الذي جعل الحرام حلالا وجعل الحلال حراما.

الأمر الثاني: هذا الدستور الذي بين أيدينا يشبه الياسق الذي وضع في عهد جينكيزخان والذي تكلم عليه عدد من المشايخ فيما سبق ، فنقول بأن هذا الدستور كالياسق من جهة أنه جمع بين عدة شرائع من ضمنها الشريعة الإسلامية وأشياء أخذت من اليهودية والنصرانية، وهذا بالضبط ما هو موجود في الدستور الذي سنقرأه معا إن شاء الله جل وعلا ، فنقول: هذا الدستور الذي بين أيدينا هو كذلك مأخوذ من شريعة النصارى والقوانين الفرنسية والانجليزية مع أشياء من الشريعة الإسلامية فهو يشبه من وجه كبير الياسق و الذي ذكر ابن كثير وغيره  أنه (  أي الياسق) مأخوذ من الملة اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية، وربما يتيسر وقت نقرأ فيه كلام ابن كثير في ذلك، فلماذا أنكرتم الياسق فيما سبق واعتبرتم أن الذي يتحاكم إلى الياسق- وكنتم تقرءون  كلام ابن كثير كثيرا - قلتم أنه كافر كفرا أكبر مخرجا من الملة والآن تقولون من لا يقول للدستور نعم فهو آثم وهو خائن وقد يكون عميلا، إلى آخره.

الأمر الثالث: شبهتهم الكبيرة وهي الفزاعة، فزاعة العلمانيين، فزاعة العلمانيين بأننا إذا لم نقل للدستور نعم فإن العلمانيين بعد ذلك سيجدون الفرصة سانحة ليفعلوا ما شاءوا وبعد ذلك ليطبقوا ما شاءوا وليضعوا دستورا آخر كما يشاؤون، هذه الفزاعة حملوها لنا في الانتخابات البرلمانية، انتخابات الشعب والشورى، وانتخابات الأحزاب، إلى آخره، تجدهم يقولون لك العلمانيون سيفعلون ويفعلون ويخربون البلد ونسوا رب العالمين سبحانه وتعالى (فسيكفيكهم الله) نسوا أن الله جل وعلا هو القاهر الجبار المتكبر وهو المتصرف وحده في ملكه وهو القادر على أن يدمر هؤلاء أو أولئك (ويخوفونك بالذين من دينه) فمن أجل العلمانيين لا بد أن نترك ديننا ومن أجل العلمانيين لا بد أن نقبل بالردة ومن أجل العلمانيين لا بد أن نقبل بالتحرر العقدي والفكري إلى آخر ما سنذكره.

الأمر الرابع: هل نحن مضطرون لذلك، هل نحن مضطرون لأن نقول للدستور نعم ونرضى بما فيه من الكفر الصريح وما فيه من مضاهاة شرع الله جل وعلا ومن التشريع من دون الله جل وعلا، هل نحن مضطرون لذلك؟ الجواب: لسنا مضطرين، كيف ذلك؟ إذا سألت أي واحدا منكم أو أي واحد ممن سيذهب للتصويت يا فلان هل أنت مضطر هل أنت مكره هل أحد ألجأك إلى أن تقول نعم أو تقول لا، هل أحد أمسك السوط والسيف ووضعه على رقبتك وقال إن لم تقل نعم قتلناك، لم يقل ذلك أحد، ولم يرفع علينا أحد السوط، بل الرئيس نفسه يقول أن الأمر مفتوح من أراد أن يقول لا ومن أراد أن يقول نعم فله ذلك، فلماذا تخوفوننا بهذه الشعارات الجوفاء التي ليس لها أساس من الصحة، إذا قلنا جميعا لا لهذا الدستور وسقط وأعادوا الدستور مرة ثانية وعملوا استفتاء وكان هذا الدستور مخالفا وقلنا لا أيضا وسقط فقد أدينا ما علينا وأنكرنا المنكر، من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه ، على الترتيب المعروف وأنتم تزعمون أن لكم قوة وأنكم  فصيل وراءكم أعداد كبيرة وإن  شئنا قلنا لكم فصيلان من أكبر الفصائل في مصر، تستطيعون أن ترفضوا أي دستور مخالف لشرع الله جل وعلا، تقولون لا، تقولون أنتم بالملايين، تكون أصواتكم بالملايين (لا لا)، وتقولون لا نرضى إلا بشرع الله جل وعلا، لا نرضى بغير شرع الله بديلا، بدلا من هذا الخنوع وهذا الاستسلام وأن نفعل كما تفعل النعامة، تضع رأسها في التراب، في الرمال وتظن أنه لا أحد يراها، إذا كنتم صادقين فعلا أنكم فصيل له قوة وله عدد كبير لماذا لا تجتمعون على كلمة سواء وتطالبون الرئاسة والحكومة بضرورة تطبيق شرع الله جل وعلا وتنحية هذه الشرائع الخبيثة المضادة والمناقضة لشرع الله جل وعلا.

نترك شيئا من التفصيل في المقدمة ربما نأتي لبعضها في الداخل، وندخل في الدستور مباشرة.

هناك ديباجة، مقدمة قدموا بها بين مواد الدستور، وتعتبر هذه الديباجة هي في الحقيقة مختصرا للمواد، فرأيت أن أدخل في المواد مباشرة وإن كانت الديباجة فيها أشياء خطرة جدا جدا وقد قمت بالتعليق عليها لكن من الملاحظ في الدستور كله ومعه الديباجة أنهم لم يذكروا اسم الله جل وعلا في الديباجة إلا في موضعين: بسم الله وعونه، ونحن جماهير شعب مصر إيمانا بالله ورسالاته، هذا في الديباجة في المقدمة، أما في داخل الدستور فإنهم لم يذكروا اسم الله جل وعلا إلا في القسم الباطل، أقسم بالله العظيم أن أحترم النظام الجمهوري إلى آخر ماهو معروف من قبل مما يقسم به الرئيس و رئيس الوزراء وأعضاء البرلمان أو النواب والشورى، في غير ذلك لا تجد في هذا الدستور أن الله جل وعلا أمرنا بكذا أو أننا نفعل ذلك لأن الله أمرنا بكذا أو أن رسوله صلى الله عليه وسلم أمرنا بكذا، لا يوجد اسم محمد صلى الله عليه وسلم في هذا الدستور ولو في مرة واحدة، لا في المقدمة ولا في المؤخرة ولا في الديباجة ولا في غير الديباجة، وكفى بهذا انحرافا وضلالا، نبي الهدى صلى الله عليه وسلم، نبي الهدى نبي الرحمة الذي بُعث رحمة للعالمين لا يذكرون اسمه ولو مرة واحدة في هذا الدستور الذي يريدون أن يحكموه في أعراض الناس وفي دمائهم وفي حقوقهم وفي معاملاتهم إلى غير ذلك.

لا يقولون فعلنا الشيء الفلاني في المادة الفلانية لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بذلك، لا، ما يعرفون هذا، وهذا من أعجب العجب، كأن غالبية هؤلاء ليسوا من المسلمين، مع أنهم يزعمون أن أكثر من ستة وستين شخصا في المجلس الذي وضع هذا الدستور من الإسلاميين كما يزعمون، لم يتذكروا أن يذكروا اسم النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ولو في مرة واحدة، وكفى بهذا خسارة وبوارا وفشلا ودلالة على حماقة ما وضعوه وما صنعوه مما يخالف شرع الله سبحانه وتعالى.

لم يذكروا القرآن الكريم كتاب الله جل وعلا المهيمن على سائر الكتب والذي نزل لسعادة الناس وليحكم بينهم وهو الفصل ليس بالهزل لم يذكروه ولو في موضع واحد، ومع ذلك وقبل أن نقول ما سنقول ، يريدون أن نقول نعم ومن لا يقول نعم فهو إنسان يعني أفضل ما نقول أنه إنسان مجنون أو مخبول.

وهذا من الإرهاب الفكري الذي يبثونه بين الناس لكي يوافقوا على هذا الدستور الجائر المضاد لشرع الله سبحانه وتعالى.

الديباجة :

ديباجة وثيقة الدستور، نحن جماهير شعب مصر، باسم الله وبعونه.

 يقولون: "هذا هو دستور مصر ووثيقة ثورتها السلمية الرائدة"

 نقول ( مع الاختصار ): الثورة ليست سلمية كما ذكرنا بل الدماء لا زالت تنزف حتى هذه اللحظة، ومن يقول أنها سلمية فهو مخادع.

 "التي فجرها شبابها الواعد" ، شباب الفيس بوك الواعد الذي يبيت الآن في التحرير ويجلس في الخيام مع اختلاط الشباب بالفتيات وسط اللهو والطبل والموسيقى والمخدرات وغير ذلك مما هو معروف للجميع ويريدون  قلب نظام الحكم ويصنع هذا الواعد كما صنع من قبل وينشر الفوضى في البلد وسفك الدماء وانتهاك الثروات، إلى غير ذلك، هذا هو الشباب الواعد.

 يقولون بعد أسطر:" ومبشرا بميلاد فجر جديد يليق بمصر الحضارة" لا نعرف ماذا يريدون بمصر الحضارة إلا إذا أرادوا الحضارة الفرعونية الوثنية التي يفتخرون بها حضارة رمسيس ، وتحتمس، ونفرتيتي إلى غير ذلك.

يقول:" مصر الحضارة والتاريخ التي قدمت للبشريات أول أبجديات الكتابة" يعني مصر هي التي علمت البشرية أول أبجديات الكتابة، هذا لا بد له من دليل،  "وأطلقت عقيدة التوحيد ومعرفة الخالق"، يعني مصر أطلقت عقيدة التوحيد ومعرفة الخالق، هذا كلام من أعجب ما تسمع، أين ذلك، هل بعث محمد صلى الله عليه وسلم في مصر أم في مكة؟.. من الذي قال أن مصر أطلقت عقيدة التوحيد ومعرفة الخالق، لا ندري ماذا يريدون بمعرفة الخالق وأين هذا التوحيد ؟ إلا إذا أرادوا توحيد القطرين .

قالوا "وأدركت منذ البدايات معنى الهوية "، لم يقل الهوية الإسلامية لأنه يخاف من إظهار كلمة الإسلامية، معنى الهوية، هوية وفقط، معنى الهوية. أي هوية ؟!

قالوا " وتجسدت على أرضها المواطنة في أكمل معانيها"، وهذه مصيبة أيضاً، ماالمواطنة: اليهودي يعيش مع النصراني مع المسلم، يقول في أكمل معانيها، يعني مصر تضرب للعالم نموذجا للمواطنة في أكمل معانيها، وهذا هو الذي حدا بنا وأوصلنا إلى هذا الدستور الملفق التوافقي من أجل المواطنة لكي ترضي اليهود وترضي النصارى على حساب ديننا وهم لا يرضون أن يتنازلوا عن شيء من دينهم المحرف ولا عن شعرة واحدة من أجل المواطنة.

 قالوا "لقد استرد الشعب المصري العظيم حريته ونال كرامته"

 أين هي الكرامة التي نالها، نالها في ميدان التحرير أم نالها عند قصر الاتحادية في المذابح هناك أم نالها في ميادين مصر المتنوعة التي فيها القتل وسفك الدماء، سيأتي الكلام على الحرية بالتفصيل.

يقول: "وهو ذا يمضي قدما نحو غد جديد هو أكثر التحاقا بعصره وأكثر إيمانا بقدراته وثوابته وأكثر حرصا على تحقيق أهداف ثورته السلمية" ما هي أهداف الثورة السلمية التي دائما يتشدقون بها؟

الجواب : عيش , حرية, وعدالة اجتماعية، هذه أهداف الثورة.أين العبودية التي خلق الجن والإنس من أجلها , قال تعالى " وماخلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" هذه هي الغاية التي خلق لها الخلق هل لها ذكر في دستور هؤلاء الذين يهتفون لبطونهم وفروجهم ؟!

يقول:  "والتي بعثت فيه روحا جديدة طاهرة "، ثورة بعثت روحا جديدة طاهرة جمعت المصريين والمصريات على كلمة سواء، الكلمة السواء هي كلمة التوحيد، وهذه الثورة لم تجمع الناس على كلمة سواء وإنما جمعتهم على الفوضى والمذاهب الديمقراطية والعلمانية والأفكار الشاذة، جمعتهم في ميدان التحرير كانوا إخوة وأخوات في ميدان التحرير، الشاب بجانب الشابة، تتظاهر معه وتنام بجانبه من الممكن أن يصلي بجانبها ويتبادل معها المشاعر الرقيقة، وفعلا خرج لنا ميدان التحرير بعد الثورة بزيجات، شاب أعجبته فتاة أثناء الثورة وأعلنا زواجهما في الميدان.

يقول: "على كلمة سواء لبناء دولة ديمقراطية حديثة "، هم صرحوا بعقيدتهم ، لبناء دولة ديمقراطية حديثة، وسيأتينا الكلام عن الديمقراطية في أول مادة من المواد، والديمقراطية  هي حكم الشعب نفسه بنفسه، الشعب يحكم نفسه بنفسه ولا حكم لله سبحانه وتعالى عليه، ديمقراطية حديثة يعني على مبادئ جان جاك روسو  وأمثاله من الغربيين الذين وضعوا كتبا في العدالة الاجتماعية ومبادئ الدولة الحديثة والتي ذكرنا بعضها في محاضرة سابقة.

يقولون " مستمسكة بقيمها ومقوماتها الروحية والاجتماعية "، نقول هذا الكلام غير صحيح، لو كانوا مستمسكين بمقوماتهم لجاهروا بإسلامهم ونادوا بعقيدة التوحيد وأظهروا شريعتهم ولم يخافوا من إعلانها في هذه المواد الدستورية.

يقول: " استنادا إلى ثوابت متكاملة يعبر عنها شعبنا الأصيل في مجموعة المبادئ الآتية".

أول مبدأ من المبادئ:" السيادة للشعب"، هذا أول مبدأ،" السيادة للشعب صاحب الحق الوحيد في تأسيس السلطات التي تستمد شرعيتها منه"، الأمر واضح، السلطات بأنواعها تستمد شرعيتها ليست من كتاب الله وليست من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن تستمد شرعيتها من الشعب، السيادة للشعب، هذه كلمة عجيبة فضلا عن التناقض : الشعب هو السيد، السيد على من؟ هل سنأتي بشعب آخر غير شعبنا ويكون شعبنا سيدا عليه،  ليس هناك شعب آخر لكي يكون سيدا عليه لكنهم يريدون السيادة للشعب، فالشعب هو السيد هو الذي يقرر سلطاته التشريعية والتنفيذية والقضائية ولا سلطة لله جل وعلا ولا سلطة للرسول صلى الله عليه وسلم ولا سلطة للقرآن ولا للسنة.

 روى أبو داود في سننه أن قوما جاءوا للنبي صلى الله عليه وسلم وقالوا له: أنت سيدنا وابن سيدنا وخيرنا وابن خيرنا، فقال لهم: قولوا بقولكم ولا يستهوينكم الشيطان،" السيد الله تبارك وتعالى ".

إذا السيد هو الله جل وعلا وهو الذي له السؤدد وهو الذي له السيادة وبهذا التفسير فسر ابن عباس رضي الله عنه قوله تعالى (الله الصمد) قال هو  الشريف الذي بلغ السؤدد في شرفه ، والعليم الذي بلغ السؤدد في علمه ، والحليم الذي بلغ السؤدد في حلمه ، والحكيم الذي بلغ السؤدد في حكمته .

 فالسيادة المطلقة هي لله جل وعلا، ومنازعة الله جل وعلا في سيادته كفر بالله جل وعلا، وذكر صاحب كتاب المنة في شرح اعتقاد أهل السنة- وهو ممن يدعو الناس الآن للموافقة على الدستور الجديد بقول: نعم - يقول في كتابه المنة:  " لذلك فهذه قضية عظيمة الأهمية ومظاهر الشرك فيها منتشرة جدا، وهي قضية التشريع والأمر والنهي والسيادة، وينصون في الدساتير المدنية على أن السلطة التشريعية من حقوق الشعب وأن الشعب مصدر كل السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية ونحن نعوذ بالله من ذلك "ا هـ، هذا كلام الشيخ سابقا، يعني هذا الكلام كتب أيام النظام السابق أما الآن فينبغي أن يختلف عما كتب سابقا، قال"ونحن نعوذ بالله من ذلك فإن الله جل وعلا قال: (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به بالله) فسماهم الله جل وعلا شركاء وهذا – كما قدمنا - مرتبط بالاعتقاد فمن اعتقد أن ما يقوله فلان حق سواء كان ذلك في التشريع أم في التحليل أم في التحريم هذا من الشرك في الربوبية ؛ حتى ولو لم يتحاكم إليه وحتى لو لم يطعه في هذا أما إذا أضاف إلى ذلك طاعته في التحليل والتحريم فقد عبده من دون الله عز وجل وهذا شرك في الألوهية" هذا كلام الشيخ في المنة في صفحة85، ، طبع  سنة1426ه، 2006م ، هذا كلام الشيخ وهو جزء قليل جدا من كلامه هنا وتستطيع أن تراجع كلامه قبل ذلك وبعد ذلك، فما الذي جعل هذا الشرك الآن يصبح حلالا بل واجبا على بعض الناس ومن لم يفعله فهو كذا وكذا.

هذا تعليق يسير على السيادة للشعب، السيادة للشعب صاحب الحق الوحيد في تأسيس السلطات الذي تستمد شرعيتها منه وتخضع لإرادته، إذاً السلطات هذه تخضع لإرادة الشعب ولا تخضع لإرادة الله سبحانه وتعالى نسوا الله جل وعلا .

 النقطة التي بعدها:  ثانيا" ديمقراطية نظام الحكم التي ترسخ التداول السلمي للسطة وتوسعه وتعمق التعددية السياسية والحزبية "

 هذه ثانيا و المادة الأولى تقول" جمهورية مصر العربية دولة مستقلة ذات سيادة موحدة لا تقبل التجزئة ونظامها ديمقراطي" إذاً هذا أول شيء  في مواد الدستور بعد الديباجة والكلام على الديمقراطية سبق في مواضع  ونذكر فقط الآن كلمتين أو ثلاثاً لمشايخ الدعوة السلفية بالاسكندرية يقول الشيخ محمد إسماعيل المقدم في انتخابات 2005في محاضرة السلفيون والانتخابات :(والإسلام يرفض الديمقراطية تماما) يعني لا يوجد هناك تفصيل فيها أي أنها مرفوضة من الأساس لماذ؟ يقول(باعتبارها لاتتوافق مع عقيدتنا) إذا الديمقراطية تصادم العقيدة "ولا مع ثقافتنا الإسلامية" ثم بعد سطرين يقول "أخطر ما في الموضوع هو أن هذا بناء على دين الديمقراطية أو عقيدة الديمقراطيةأن يكون الشعب هو مصدر السلطات"   إذا الشيخ الآن هنا سماها دينا وعقيدة وهذا أول شيء في الدستور المصري وهم الآن يريدون أن نقول نعم لهذا الدين الجديد ، نعم لهذه العقيدة الجديدة ، وننسلخ من عقيدتنا ؛ عقيدة التوحيد! هذا كلام الشيخ محمد إسماعيل وهو أحد المشايخ في الدعوة السلفية بالأسكندرية .

 والشيخ سعيد عبد العظيم له كتاب اسمه (الديمقراطية في الميزان) يقول( وقد اتضح لنا أن الإسلام شيء والديمقراطية شيء آخر) ويقول( ونحن حين نقول عن الديمقراطية هي منهج وثني كفريفليس معنى ذلك أن نكفر كل من نادى بها فقد يكون القول كفرا ويطلق القول بتكفير القائل أما الشخص المعين فلا يكفر إلا بعد البيان ) إذاً هذا هو الحكم على الديمقراطية بأنها مناهج وثنية كفرية .

الشيخ ياسر برهامي يقول في رسالة "السلفية ومناهج التغيير " عن صعوبة التغييربالمناهج المخالفة  و يتكلم عن المجالس التشريعية و عن  فشل تجربة الجزائر وتركيا ثم يقول( وكيف أن الديمقراطية مثل صنم العجوة الذي كان يصنعه المشرك فإذا جاع أكله ) إذاً هو شبه الديمقراطية بصنم العجوة وتستطيع أن تراجع بقية كلامه عن المجالس التشريعية التي تشرع من دون الله في هذا الكتاب اسمه( السلفية ومناهج التغيير) وهذه هي حقائق واضحة هاتوا برهانكم في تغييرها إن كنتم صادقين هل نزل وحي جديد؟ هل نزل دين جديد؟ ماذا تقولون فيما قلتم فيه بالأمس إنه شرك وكفر!ثم أنتم توجبون على العباد أن يقولوا له: نعم . بأي كتاب أو بأي سنة بل بأي عقل صحيح يُقبل هذا !

المادة الأولى  :" جمهورية مصر العربية دولة مستقلة ذات سيادة موحدة لا تقبل التجزئة ونظامها ديمقراطي"

 "والشعب المصري جزء من الأمتين العربية والإسلامية ويعتز بانتمائه لحوض النيل" هذه كلمة عجيبة يعتز بإنتمائه لحوض النيل "والقارة الإفريقية" المسلم يعتز باتمائه للاسلام في أي مكان سواء في آسيا أو إفريقيا أو غيرهما .

        أبي الإسلام لا أب لي سواه   إذا ما افتخروا بقيس أوتميم    

طالما أنت مسلم فأنت تعتز بإسلامك وبأخيك المسلم في أي مكان .

المادة الثانية : "الاسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية  ومبادىء والشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع"

 الاسلام دين الدولة ألا يكفي هذا في إلغاء ما قبله وما بعده على ما نفهمه نحن؟! الجواب نعم يكفي إذا كنتم تعرفون أن الاسلام دين دولة لماذا تضعون  المواد المضادة لهذه المادة الصريحة والتي أرهقت الناس والأمة وكلفت الدولة ملايين خلال كل هذه الأشهرالسبعة؟"

إذا كان" الاسلام دين الدولة" فلماذا لا نحكم بالاسلام وينتهى الامر في كلمة واحدة ؟ لكنهم يريدون شيئا آخر يريدون أن يعزلوا الاسلام عن الحكم وعن حياة الناس وعن  تحكيم شرع الله جل وعلا في معاملات الناس وفي أوضاعهم وفي دمائهم وفي أموالهم وإلا فإذا كنتم تقرون بأن الإسلام دين الدولة ألا يكفي ذلك ؟

 "أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ"  51 سورة العنكبوت. لماذا يأتون بمواد قبل هذه المادة وبعد هذه المادة تناقض الاسلام وتناقض أصل الدين وتناقض التوحيد ، وتناقض العقيدة، وتهدم الولاء والبراء، وتهدم التوحيد من أساسه؟ الجواب: هم يريدون أن يحصروا الاسلام في المساجد لا مانع عندهم أن تصلي و تزكي وتصوم وتقرأ القرآن  بعيداً عن تحكيم القرآن الكريم في حياة الناس على حد قولهم : (دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله ) هذه قاعدتهم المعروفة وأيضا وهذه المادة هي أقوى مما أضافوه الآن لنا  في المادة 219  وزعموا أنهم حققوا بها نصرا مبينا أدخلو الأصول الكلية والقواعد الفقهية من مذاهب أهل السنة والجماعة  في تفسير مبادىء الشريعة وزعموا أنهم أتوا بما لم يأت به الأوائل  مع أن هذه المادة الثانية أوضح و أقوى منها لو فهموها الفهم الصحيح " الاسلام دين الدولة " الاسلام يدخل فيه الأصول الكلية والقواعد الفقهية ! ولا حاجة لتلك لكنهم يقولون : لا هذه مادة مفسرة  هي أقوى من هذا ؟  الجواب ليست بأقوى من هذا , هي مفسرة عندهم هم ؛ كما قالوا المعنى في بطن الشاعر.

 لكنها في الحقيقة لا أحد يعترف بتفسيرهم لها لا من القضاة ولا من فقهاء ؤالدستور ولا المحامين .

 والفيصل في ذلك ما سيأتي إذا أقرت هذه المادة  فإن القضاة عندهم ترتيب للنظر في المصادر قبل إصدار الأحكام  يبدأ القاضي بالبحث في الدستور عن نص العقوبة المعينة لهذه الجريمة المعينة لأن في الدستور "لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص"  وهذه تسبب عنده إشكالا. فيبدأ أولا بالبحث في الدستور عن النص التفصيلى الجزئى لهذه المسألة ولهذه الجريمة فإذا وجد النص من الدستور أو فى القانون  فلا ينتقل لغيره لا للشريعة الاسلامية ولا لغيرها فالنصوص التفصيلية الموجودة فى القوانين تقضى على العموميات كلها فإذا اختلف أحد مع القاضى , والقاضي عنده نص عام ونص خاص مفصل ومبين؛فإنه يقول لك: أنا لا أخذ بالنص العام أنا أخذ بالنص الخاص والمفصل، والخاص يقضي على العام اتفاقا  وهذا النص الدستوري أو القانوني يحدد هذه العقوبة لهذه الجريمة وهذا المنطوق يقضي على المفهوم من المادة الثانية والمادة (219 ) ومما يوضح ذلك أن المادة الثانية والتي تنص على أن الإسلام دين الدولة  موجودة من زمن طويل ولم يأخذ بها القضاة فى مسائل تخالف الشريعة مخالفة واضحة جدا ولم يستطع المحامون أن يدفعوا بها وإذا احتجوا بها لم يقبل احتجاجهم بهذه المادة عند القضاء مثل نكاح المحارم مثلاً ليس عنده نص يجرم نكاح المحارم.

 أيضاً النص على أن المرأة إذا زنت ولم يرفع عليها زوجها دعوى ولم تغتصب ؛ يعني زنت برضاها والشريعة تجرمها  وتقيم عليها حد الرجم لأنها محصنة متزوجة لانستطيع أن نقول للقاضى عندنا نص عام وهو أن الاسلام دين الدولة وهو أقوى من نص المادة 219 و أشمل ومع ذلك القضاة لايعتدون بذلك ، فالقاضى عنده ترتيب للمصادر، إذا أراد أن يبحث عن الحكم يبحث أولاً فى الدستور أو فى القانون أو في اللوائح فإذا لم يجد ينتقل إلى البحث في الامر الثاني وهو العرف، الأحكام العرفية فإذا لم يجد ينتقل إلى البحث في مبادئ الشريعة، المبادئ العامة للشريعة وإذا لم يجد ينتقل إلى المبادئ العامة في الشرائع الأخرى غير الإسلامية، فهو لن يلجأ  لهذا الكلام العام ولن يلجأ إلى المادة 219 لأن عنده في الدستور تنصيصاً على العقوبات، عقوبات الجرائم.

قالوا بأن المحكمة الدستورية فسرت كلمة المبادئ بما هو قطعي الثبوت قطعي الدلالة.

نقول لهم حتى هذا التفسير مصادم للشريعة لان كثيرا من الأحكام ليس بقطعي الثبوت ولا قطعي الدلالة بل قد تجد شيئا ظني الثبوت ظني الدلالة،أو ظني الثبوت قطعي الدلالة أو ظني الثبوت غير قطعي الدلالة فيؤخذ بالظن الراجح في الأحكام وهذه مسألة معروفة في أصول الفقه ،لأن الله تعالى لم يكلفنا الا ما في وسعنا وهذا التفسير من المحكمة الدستورية يضيق الامر جدا جدا ،فلكي تخرج ما ليس بقطعي الثبوت وقطعي الدلالة ستخرج أكثر الأحكام الشرعية وكل هذا التفاف على الشريعة لكي لا تحكم هذه الشريعة الغراء وهذا الأمر لهم فيه سلف فإن المرجئة والمتكلمين فعلوه في صفات الله جل وعلا وقالوا أحاديث الآحاد لا يؤخذ بها في العقيدة ، وردوا أحاديث الصفات ولو كانت في الصحيحين ولكن يعملون بها في الأمورالفقهية ورد عليهم ابن القيم في الصواعق المرسلة . وعند الدستوريين لا يعملون بها لا في العقيدة ولا في غيرها .

 فقولهم (الإسلام دين الدولة) يقصدون بها أن للناس أن يتدينوا في صلاتهم في مساجدهم لكن ليس لهم أ ن يحكموه في حياتهم .

 قولهم (واللغة العربية لغتها الرسمية ) إذا كانت اللغة العربية لغتها الرسمية لماذا صدرتم المادة الاولى بكلمة الديمقراطية هل كلمة الديمقراطية من اللغة العربية ؟!وهذا من الشئ العجيب يدلك على تناقض هذا الدستور في أول مواده وفي أول أسطره اللغة العربية لغتها الرسمية والأصل أن يسطر هذا الدستور باللغة الرسمية

يقول ( ومبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي ) قولهم المصدر الرئيسي هذه الكلمة فيها مخالفات كثيرة و قد اختلفوا في تفسير كلمة مبادئ من بين قائل المبادئ العامة الموجودة في  الشريعة : السلام والحرية والعدالة  وغيرها  .وقائل غير ذلك

وعبارة " المصدر الرئيسي" معناه أنه توجد مصادر أخرى للتشريع وهذا باطل يجب أن تكون الشريعة الاسلامية المصدر الوحيد للتشريع وليست هي أحد المصادر ؟! حتى لو قالوا الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع نقول هذا الكلام باطل شرعا .

لأن هذا معناه أنه يوجد  مصادر أخرى للتشريع غير الشريعة الإسلامية يجب أن تكون هذه المادة هكذا " الشريعة المصدر الوحيد للتشريع"  لا يشرع أحد مع الله تعالى ، لايجوز التشريع من دون الله فيما اختص به سبحانه وتعالى .

المادة الثالثة : فرح بها النصارى واليهودلأنها لم تكن موجودة وهم في الحقيقة لا يحتاجون إليها لكنهم فرحوا بها والإسلام كفل لهم حقوقهم طالما أدوا ما عليهم من الواجبات فالاسلام كفل لهم حقوقهم كاملة فهم لايحتاجون الى هذه المادة المهزوزة

التي تقول ( مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود .... ) انظر الى كلمة المسيحيين أصبحت الآن تمرر مع أنها كلمة خطأ الصواب أن نقول النصارى لأن المسيحيين نسبة للمسيح ؛ والمسيح برئ من هؤلاء الذين حرفوا دينه وأشركوا بالله جل وعلا لكن هكذا هو مكتوب  ( مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية وشؤونهم الدينية واختيار قياداتهم الروحية ) وهذا تحصيل حاصل ولا جديد فهم في الشريعة يأخذون حقوقهم طالما يؤدون ما عليهم من الواجبات  .

المادة الرابعة : ( الأزهر الشريف هيئة إسلامية مستقلة جامعة يختص دون غيره بالقيام على كافة شؤونه ويتولى نشر الدعوة الإسلامية وعلوم الدين ) هذه مشكلة كبيرة  إذا أسندنا للأزهر القيام بالدعوة فسيدعو كما هو حاصل الآن للأشعرية والماتريدية كما صرح بذلك شيخ الأزهر فإنه يعتز بكونه أشعريا ماتريديا صوفيا خلوتيا فإذا نص الدستور على أن الأزهر له هذه المكانة العظيمة الكبيرة فإن أي أحد يتكلم بعد ذلك على الأزهر وعقيدته وتصوفه يحال للمحاكمة لأنه يخالف الدستور والقانون الذي ينص على مكانة الأزهر وتصدره للدعوة والأزهر يتهم الدعاة الآن إلى السنة بأنهم وهابية وأنهم جاءوا بدين جديد وهذا معروف ،

 و قولهم : " ويتولى نشر الدعوة الإسلامية وعلوم الدين في مصر والعالم " نحن لا نريده يتصدى لنشر الدعوة في العالم فقد ذهب دعاتهم إلى أفريقيا وشرق آسيا لنشر العقيدة الأشعرية ومذاهب التصوف. يقول (ويؤخذ رأي هيئة كبار علماء الأزهر في الشؤون المتعلقة بالشريعة الإسلامية ) هيئة كبار العلماء بالأزهر التي ما سمعنا بها إلا لماما وأين دور هذه الهيئة وبياناتها في النوازل الحادثة والتي تفتك بالأمة المصرية وأين إنكارهم للمنكر في طول البلاد وعرضها وللشرك الصريح عند القبر المنسوب للحسين من النذر لغير الله والذبح لغير الله والاستغاثة بالأموات والربا وانتشار بيوت البغاء والخنا ؟ هل تسمع لهم ركزا.

 ويقول (شيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل) وهذه طامة كبيرة من الطامات، يعني محصنا غير قابل للعزل. إذا كان كبار الصحابة عزلوا في إمارتهم لبعض الأماكن، وفي إمارتهم للحروب كما فعل عمر بن الخطاب مع خالد بن الوليد رضي الله عنهما ومع غيره وهم في جلالتهم وديانتهم وورعهم وعلمهم مما هو معروف والمكانة المرموقة والثناء من الله عز وجل عليهم؛فكيف يكون شيخ الأزهر غير قابل للعزل؟! نعم إذا أتى شيخ الأزهر-بغض النظر عن تعيينه باسمه - بما يخالف شرع الله جل وعلا وبما يضاد شرع الله سبحانه وتعالى ألا يستحق أن يعزل ويحاكم ؟! وإذا كان الجواب بلا فمن الذي أعطاه هذه الحصانة هل الشريعة؟ وأين دليها وقد قال صلى الله عليه وسلم " لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها "! إذا كانوا كتبوها هنا بأيديهم الآن ومررت فسيجنون عاقبتها المؤلمة فيما سيأتي كما جنوا عاقبة موافقتهم على الإعلان الدستوري  والمادة المحصنة لقرارات اللجنة الانتخابية العليا وأنه لا يجوز الطعن في قراراتها. فلما أخرجت أبا إسماعيل من الرئاسة ثاروا وتجمهروا وطالبوا بإلغاء المادة 28 من الإعلان الدستوري وهم الذين أخرجوا الناس لكي يقولوا لها: نعم؛ لكن عرفوا بعد حين أنهم أخطأوا خطأً قاتلاً فاحشاً ولا زالت المادة موجودة في الإعلان الدستوري.

المادة الخامسة:( السيادة للشعب يمارسها ويحميها.) وقلنا بأن هذا باطل، والغريب أنه قيل أن: 66 عضوا في اللجنة التأسيسية زعموا أنهم أرادوا أن يكتبوا السيادة لله فرفض عضوان ورضخ الأغلبية لقول هذين العضوين وحذفوا من الدستور السيادة لله الواحد القهار وجعلوا السيادة للشعب، وهذا يرد عليهم فيقال لهم : إذا كنتم الآن وأنتم أغلبية في اللجنة التأسيسية لم تستطيعوا أن تضعوا هذه المادة بل هذه الكلمة "السيادة لله" ويقول قائلهم إن الجميع متفق على هذا  لا أحد ينازع في ذلك ! وهذا من أعجب الأمور أن الشئ الذي اتفقوا عليه كما زعموا لا يستطيعون كتابته ولم يجرءوا على كتابته فكيف بما اختلفوا فيه! فكيف تزعمون أنكم عندما تذهبون لمجلس الشعب الجديد ستأتون بقوانين وشرائع إسلامية وتسنونها أو تشرعونها في مجلس الشعب القادم! ومجلس الشعب الماضي كان أضحوكة للعالم فإنه لم يصدر من الشريعة الإسلامية ولا حكما واحدا فيما علمنا بل في ليلة واحدة سنوا قانون العزل السياسي لكي يبعدوا اثنين من الذين ترشحوا للإنتخابات ممن كانوا في النظام السابق؛ في ليلة واحدة وجلسوا مائة يوم لم يصدروا تشريعا واحدا أو لم يأخذوا من الشريعة تشريعا واحدا يظهروه للناس وهم كانوا أغلبية بلا خلاف !! فلم يستطيعوا يأتوا بتشريع واحد ليؤيد الإسلام أو من الإسلام.

فهنا يقول في المادة الخامسة (السيادة للشعب يمارسها ويحميها..) يمارسها ويحميها أيضا يعني يحميها (ويصون وحدته الوطنية) الوحدة التي كان يسميها الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم فيما مضى " الوحدة الوثنية"

 (وهو مصدر السلطات) الشعب هو مصدر السلطات هو الذي يشرع وهو السيد وهو الحكم فماذا بقي لله سبحانه وتعالى ماذا أبقى هؤلاء لله سبحانه وتعالى؟! نستغفر الله تعالى ونبرء إليه من هذا الكلام .

 (هو مصدر السلطات) من هذه السلطات  :السلطة التشريعية وقد قال تعالى منكرا على من يسوغ التشريع مع الله أو من دونه  "أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله"  فعندهم الشعب هو الإله وهو السيد وهو الحكم وإليه يرجع الأمر كله : السيادة والحكم والسلطان وهذا من الشرك في الربوبية والألوهية والأسماء والصفات.

ويريدون منا أن نقول : نعم لهذا الشرك الصريح والإفك المبين والله حسبنا ونعم الوكيل.

المادة السادسة تقول بأنه (يقوم النظام السياسي على مبادئ الديمقراطية والشورى والمواطنة) ثلاث كلمات، الديمقراطية سبق الكلام عليها ، والمواطنة أن تعيش في وطن واحد يجمع بين اليهود والنصارى والمسلمين يستوي فيه الجميع المؤمن والكافر ، البر والفاجر كما قال هنا (والمواطنة التي تسوي بين جميع المواطنين) اقحام الشورى هنا بين هاتين الكلمتين اقحام خبيث لترويج الديمقراطية والمواطنة وإلا لا يجتمعان أبدا لا تجتمع الديمقراطية مع الشورى، الديمقراطية حكم الشعب نفسه بنفسه، والشورى أن يشاور ولي الأمر أهل الحل والعقد في أمر من الأمور استئناسا بقولهم، ويستشير من؟ أهل الحل والعقد الذين لهم علم وخبرة ودراية.

 أما الديمقراطية هي أن يحكم الشعب نفسه بنفسه، يحكم الشعب نفسه سواء كان من الشعب المسلم أو النصراني أو الرافضي الشيعي أو الشيوعي أو الفاسق الذي يشرب  المسكر لأنه من الشعب ، فهما لا يجتمعان أبداً ؛لا تجتمع الديمقراطية مع الشورى أبداً، ، لكن هذا من تلبيس الحق بالباطل وتدليس على الناس فتقول الديمقراطية والشورى، شورى الديمقراطية، لا هذا أمر وهذا أمر آخر، الشورى شرعها الله جل وعلا، وليس فيها منازع لله جل وعلا لا في حكمه ولا في سيادته، أما الديمقراطية ففيها مافيها، الديمقراطية عند أهلها فيها حرية التدين: كل إنسان يتدين بما شاء بإرادته يكون يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا أو بوذيا أو وثنيا ولا أحد يلومه على ذلك ففيها إلغاء حد الردة المقرر في الشريعة الإسلامية، والديمقراطية عند أهلها تتضمن حرية التعبير قل ماشاء كيفما شئت وقتما شئت ولا أحد يجوز له أن يعترضك، الديمقراطية فيها الحكم للشعب، الديمقراطية فيها الحكم للأغلبية؛ وإن كانوا على ضلال طالما هم الأكثرية  قال الله تعالى " وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله" وقال تعالى  "وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين"، وقال  "وقليل من عبادي الشكور"

الديمقراطية تضمن الحرية الشخصية وسنتكلم عليها بالتفصيل.

 الديمقراطية تضمن حرية تكوين الأحزاب فلا مانع في ظلال الديمقراطية أن توجد أحزاب إسلامية و أحزاب شيعية وتوجد أحزاب علمانية وحزب للبهائيين وحزب للقاديانيين وحزب للشواذ وحزب للعراة وحزب لعبدة الشيطان ولا يستطيع أحد منعهم لأن الدستور- الذي يريدون منا الموافقة عليه- يكفل لهم ذلك .

الديمقراطية تمنع من التفرقة بين الأبرار والفجار كل الناس عند الديمقراطية سواء وقد قال تعالى( أفنجعل المسلمين كالمجرمين ، مالكم كيف تحكمون)

هذه سبعة أشياء تضمنتها الديمقراطية عند أهلها, وأيضاً يوجد غيرها لكن البعض من قومنا يضحك على الآخرين ويضحك على نفسه ويقسم الديمقراطية إلى قسمين آليات وآيدلوجيات أين هذا التقسيم ماسمعناه من قبل ، الشيخ سعيد عبد العظيم عندما كتب كتاب (الديمقراطية فى الميزان) الكتاب من أوله إلى آخره لم يذكر فيه أنه يوجد  ديمقراطية ثانية جائزة ، بل قال (الديمقراطية منهج وثنى كفرى ) ولا الذين صنعوا الديمقراطية فى الغرب فى قواميسهم وكتبهم قالوا أن الديمقراطية فيها شى آخر آليات وآيدلوجيات كما اخترعوا ذلك فى تبرير بعض مايريدون من تجويز الانتخابات وغير ذلك، وهذه كتبهم ناطقة بذلك.

بل صرحوا بأن الديمقراطية وهم كبير من الصعب  بل من المستحيل تحقيقه في الواقع بل سخر عقلائهم منها .

حتى إن أحد الفلاسفة البريطانيين المعاصرين ليقول : إذا حكمنا على الديمقراطية حكماً ديمقراطياً بعدد من معها وعدد من ضدها من المفكرين لكانت هي الخاسرة

و قال المفكر ( روبرت دال ) الذي ربما كان صاحب أشمل بحث أمريكي عن الديمقراطية ، وهو الذي وُصف بأنه « من أبرز منظري زماننا السياسيين » وأنه نال على هذا الكتاب جائزتين كبيرتين قال :

« إن دعاة الديمقراطية بما في ذلك الفلاسفة السياسيون يتميزون بكونهم

يفترضون مقدماً أن هنالك شعباً موجوداً فعلاً . إنهم يعدون وجوده واقعاً صنعه التاريخ . لكن هذه الواقعية أمر مشكوك فيه ، كما كان مشكوكاً فيه في الولايات المتحدة عام 1861م ، عندما حسم الأمر بالعنف لا بالرضى ولا بالإجماع . إن الافتراض بأن هنالك شعباً موجوداً ، وما يبنى على هذا الافتراض من لوازم تصير جزءاً من النظرية الديمقراطية الخيالية »

 وكان الفيلسوف الفرنسي روسو أول من سخر من الديمقراطية بمعنى الحكم التنفيذي ، فقال :

"إذا أخذنا العبارة - يعني كلمة الديمقراطية - بمعناها الدقيق ؛ فإنه لم تكن

هنالك قطُّ ديمقراطية حقيقية ، ولن تكون . إنه من المخالف للنظام الطبيعي أن تكون الأغلبية حاكمة والأقلية محكومة . إنه لا يتصور أن يكون الشعب مجتمعاً دائماً لقضاء وقته في تصريف الشؤون العامة . ومن الواضح أنه لا يمكن أن يكون لجاناً لهذا الغرض إلا بتغيير شكل النظام الإداري "ا هـ

 يقول (وتداول سلمي للسلطة والفصل بين السلطات والتوازن بينها) الفصل بين السلطات هذه سبب المشكلة الحالية رئيس الدولة الآن في وادي، والقضاء في وادي، والتشريعية في وادي، إذا أصدر الرئيس قراراً فإن السلطة القضائية تقول له : نحن أصحاب القضاء  لا يجوز لك أن تصدر هذا القرار، وهذا القرار مخالف لأحكام المحكمة الدستورية.

 أما في الشريعة الإسلامية  يحق لرئيس الدولة وللحاكم المسلم أن يصدر ما يرى وما يشاء من القرارات التي يراها في مصلحة الدولة طالما لم تكن في معصية الله سبحانه وتعالى، و لا يحتاج إلى قرارات لتحصين قراراته؛ فقراراته محصنة إذا لم تكن فيها مخالفة للشريعة.

ثم يقول (والفصل بين السلطات والتوازن بينها وسيادة القانون) سيادة القانون مرة أخرى، الأول سيادة الشعب والآن سيادة القانون، السيادة لهذا القانون الوضعي، أما شرع الله جل وعلا فهو منحى، أما سيادة الله جل وعلا فلا ذكر لها البتة. والعجيب أن هؤلاء يقولون أن الكنيسة انسحبت من اللجنة التأسيسية وبعض أصحاب التيارات العلمانية انسحبت إذاً لماذا أثناء هذا الإنسحاب ما عدلتم هذه المخالفات ووضعتم أشياء موافقة للشريعة في هذه الفرصة التي سنحت لكم وقد لا تتكرر؟

الجواب  هو الخوف أن يقولوا الإسلاميون فعلوها وينكشف أمرهم وهو مكشوف وحالهم كالنعامة تضع رأسها في الرمال وتظن أن أحداً لا يراها.

 (سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان وحرياته) وهذه سيأتي الكلام فيها الحريات سيأتي فيها بند مستقل.

 (لا يجوز قيام حزبٍ- في نفس المادة- لا يجوز قيام حزبٍ سياسي على أساس التفرقة بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو الدين)

 إذاً لا يجوز قيام أحزاب على أساس الدين، على مقتضى هذا الدستور الأحزاب الموجودة الإسلامية أحزاب تعتبر باطلة عند الدستوريين، يعني لو أن أحدا أراد أن يطعن في دستوريتها بهذه المادة لكان له ذلك؛ لأنه من الواضح أن هذه الأحزاب قائمة على أساس ديني.

بعد ذلك الفصل الثاني فيه عدة مواد :

المادة الحادية عشرة :

(ترعى الدولة الأخلاق والآداب والنظام العام والمستوى الرفيع للتربية والقيم الدينية والوطنية ..) (ترعى الدولة الأخلاق والآداب والنظام العام) أين هذه الرعاية وكيف ستكون هذه الرعاية مع ماهو موجود في إعلامنا من الفجور والفسق والإباحية والزنا وارتكاب الفواحش علناً؟!! وكل يوم تطلع علينا قناة جديدة إباحية وفسق وفجور.

وهل من رعاية القيم الدينية والمستوى الرفيع أن تضع لطلابنا نصوصا من الإنجيل بجانب آيات القرآن الكريم ويرسم الصليب على غلاف كتاب التربية الوطنية باللون الذهبي والمصحف عن يمينه والأهرامات عن شماله! وهل من ترسيخ القيم الدينية أن ترسم في الكتاب ذاته يدين لرجل يرفع يديه في الدعاء وفي أحد كفيه مرسوم الصليب وفي الأخرى صورة الهلال فأي إله يدعو؟ هل هذا من رعاية القيم الدينية أم من التبشير بالنصرانية في صفوف طلابنا ؟

المادة السادسة والعشرون (العدالة الإجتماعية أساس الضرائب وغيرها من التكاليف المالية العامة) هذا الدستور بكامله لا تجد فيه كلمة الزكاة، ورفضوا إدخال كلمة الزكاة وبعض الأعضاء طلب إدخال كلمة الزكاة فرفض البعض .

 يقول (العدالة الإجتماعية أساس الضرائب) الضرائب ليست من الإسلام ومخالفة للإسلام وأيضا مكوس الضرائب تؤخذ من غير المسلمين إذا دخلوا بلاد الإسلام بتجارة تؤخذ منهم العشور تُعشر أموالهم ويؤخذ منهم هذه العشور، أما المسلم فليس عليه ضريبة؛ لأن هذه بلده يتاجر فيها كما يشاء ويصنع فيها ماشاء ويتاجر بما يشاء ويفتح ماشاء إذا لم يتاجر فيما يسخط الله عز وجل أو يتعدى على حدود الآخرين، لا يجوز لأحد أن يأخذ من المسلم مالا للضرائب إلا في حالةٍ واحدة إذا كان الحاكم سيقاتل ولا يجد في بيت المال مالا ليجهز به الجنود ويدفع به العدو عنئذ يفرض عليهم ماشاء مما يحتاجه في الحرب، أما ضرائب مستمرة مدى الحياة فالشرع لا يقر ذلك , وإذا مات الذي عليه الضريبة ستتحول هذه الضريبة على ورثته  بفوائد مركبة وتتضخم الضرائب. لكن الزكاة في الشريعة فيها رحمة وفيها طهارة للمال وللشخص ولها مصارفها المعروفة وهي كافية بسد حاجة الناس وسد حاجة المجتمع.

                      الباب الثاني الحقوق والحريات.