كلمة عن الاحتفالات بثورة يناير بعد مرور سنتين

موضوعات متنوعة


 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد..

ففي هذا اليوم الرابع عشر من شهر ربيع الأول لعام ألف وأربعمائة وأربعة وثلاثين من الهجرة الموافق للسادس والعشرين من شهر يناير لعام ألفين وثلاثة عشر من الميلاد نستأنف تعليقنا على كتاب الإيمان من صحيح البخاري رحمه الله تعالى وسط فتن تموج في بلادنا بل إن بلادنا تغلي كغلي القدور على النيران، ومنذ سنتين تكلمنا وقلنا كلامًا كثيرًا ولا زلنا نتكلم وما سنقوله الآن قد قلناه من قبل لأن الأحداث هي الأحداث والمواقف هي المواقف، ولعلكم سمعتم مني حديث أبي ذر رضي الله عنه وأرضاه قال: سمعت خليلي أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: "كما لا يجتنى من الشوك العنب كذلك لا ينزل الفجار منازل الأبرار فاسلكوا أي طريق شئتم فأي طريق سلكتموه وردتم على أهله، هذا الحديث رواه ابن عساكر وأيضًا له رواية أخرى في الحلية لأبي نعيم وهو حديث صحيح صححه الشيخ في صحيح الجامع، مفاده نصيحته صلى الله عليه وسلم بعد ذكر قاعدة يعرفها العام والخاص أن الشوك لا يجتنى منه العنب، فالذي يزرع الشوك يحصد الشوك والذي يزرع العنب يحصد العنب، وليس من المعقول أن تذهب لتجني العنب من أشجار الشوك، هذه قاعدة يتفق عليها العقلاء، كما لا يجتنى من الشوك العنب كذلك لا ينزل الفجار منازل الأبرار، فاسلكوا أي طريق شئتم فأي طريق سلكتموه وردتم على أهله، حسب الطريق الذي تسير فيه، تتحدد النهاية ويتحدد المصير، لكن قومنا ارتضوا أن يسلكوا طريقًا آخر غير طريق الشريعة، طريق الديمقراطية، سلكوا ذلك الطريق فأدى بهم وأوردهم إلى هذه النهاية المأساوية التي الآن نعايشها فحصيلتها قتلى وجرحى، واليوم فقط في أحداث بورسعيد حوالي ثلاثمائة جريح وحوالي ستة وعشرين قتيلاً غير ما حصل في ميادين مصر والتحرير بالأمس، أكثر من أربعمائة جريح وسبعة قتلى، ولا زالت الأحداث جارية ومستمرة، لأننا ذكرنا قبلاً أنه من غير المعقول أن تبني دارًا وتضع تحتها الديناميت أو القنبلة ليأتي أي إنسان يقوم بإشعالها، فهم وضعوا الديناميت التي يحرق أي دولة وتحترق به الدول والمجتمعات ومنه ما ذكرناه لكم في الدستور الذي قالوا للناس صوتوا عليه بنعم حتى يأتي الاستقرار وتأتي الشريعة ويأتي العيش بسلام، من الديناميت الموجود في الدستور أن المظاهرات السلمية مكفولة، المظاهرات السلمية يكفلها الدستور وتكفلها الدولة، وقلنا بأن المظاهرات السلمية هذه خرافة وخيال غير موجود، والمظاهرات التي سمعناها وسمعنا بها ورأيناها كما سمعتم وكما شاهدتم، قتلى وصرعى وحرائق للمتلكات العامة والخاصة ونهب للمتلكات، إلى غير ذلك، خيال في خيال..

ويظنون أنهم يحسنون صنعًا، ويخرج أحد الدعاة في خطبة الجمعة بالأمس يقول أن مصر لا تبنى بالمظاهرات والاعتصامات وهو نفسه الذي نزل في التحرير مع أهله وأولاده كما قال من قبل، وهو نفسه الذي قال لأولئك الذين الآن يشغبون قال لهم: الشباب الزكي الطاهر أصحاب الدم الشهداء الأبرار، إلى آخر هذا الكلام المعروف، بوركوا عندئذ أما الآن فلا، لماذا؟ .. هؤلاء هم نفس الشباب الذين قاموا في يوم خمسة وعشرين  يناير2011م بما قاموا به وهم بالأمس قاموا بشيء مما قاموا به، فلماذا كان أولئك أصحاب دم زاك طاهر وأما الآن فمصر لا تبنى بالاعتصامات والمظاهرات، تناقض عجيب وتضارب غريب، لماذا؟ لأنه لا يوجد قاعدة ثابتة يعتمد عليها أولئك.

 والشريعة حرمت المظاهرات والاعتصامات بكل أنواعها، وانتهى الأمر، لكن لكي تحللها عامًا وتحرمها عامًا لا أحد يقبل منك ذلك، فلذلك كان هذا الكلام لا يتجاوز الشفتين، إنما هو كلام في الهواء ولا أحد يبالي به والنتيجة هي أننا نسير في نفق مظلم بابتعادنا عن شريعة الرب سبحانه وتعالى التي فيها كل خير وفيها كل صلاح، وقالوا إذا قلنا للدستور نعم فإن قطار الشريعة سيسير على تلك القطبان، والقطارات كما تعلمون قد سقطت هنا وهناك وسقط منها الضحايا ولا زالوا..

فلا مخرج لنا ولا نجاة لنا إلا باتباع شريعة ربنا شاء أولئك أم أبوا، إن فعلنا ذلك ووصلنا إليه فهذا هو المطلوب، وإن فعلناه ولم نصل إليه وحاولناه فقد أعذرنا إلى ربنا جل وعلا وإلا فنحن نسير في حلقة مفرغة والتاريخ سيشهد والصحف ستشهد وكل هذا سيسجل على كل من كان له فيه طرف.. والشكوى إلى الله سبحانه وتعالى..